رجع إليهم ولقيهم وجرى المصاف بينهم عند دلوك واقتتلوا أشد قتال رآه الناس ، وصبر الفريقان ثم انهزم الفرنج وقتل منهم وأسر كثير ، وعاد نور الدين إلى دلوك فملكها واستولى عليها.
ومما قال في ذلك أحمد بن منير الطرابلسي :
أعدت بعصرك هذا الأني |
|
ق فتوح النبي وأعصارها |
فواطأت يا حبذا أحد بها ١ |
|
وأسررت من بدر إبدارها |
وكان مهاجرها تابعي |
|
ك وأنصار رأيك أنصارها |
فجددت إسلام سلمانها |
|
وعمر جدك عمارها |
وما يوم إنّب إلا كذا |
|
ك بل طال بالبوع أشبارها |
صدمت عزيمتها صدمة |
|
أذابت مع الماء أحجارها |
وفي تل باشر باشرتهم |
|
بزحف تسور أسوارها |
وإن دالكتهم دلوك فقد |
|
شددت فصدقت أخبارها |
سنة ٥٤٩
استيلاء نور الدين على دمشق وتل باشر
قال ابن الأثير : في هذه السنة في صفر ملك نور الدين محمود بن زنكي مدينة دمشق وأخذها من صاحبها مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طغتكين أتابك ، ثم ساق السبب الذي دعاه إلى ذلك.
وفي هذه السنة أو التي بعدها ملك نور الدين محمود قلعة تل باشر وهي شمالي حلب من أمنع القلاع ، وسبب ملكها أن الفرنج لما رأوا ملك نور الدين دمشق خافوه وعلموا أنه يقوى عليهم ولا يقدرون على الانتصاف منه لما كانوا يرون منه قبل ملكها ، فراسله من بهذه القلعة من الفرنج وبذلوا له تسليمها ، فسير إليهم الأمير حسان المنبجي وهو من أكابر أمرائه وكان إقطاعه ذلك الوقت منبج وهي تقارب تل باشر وأمره أن يسير إليها
__________________
١ ـ لعل الصواب : أحدها ، والمقصود غزوة أحد.