دمشق فأخرج ابن المقدم عسكرا لينهبه فعاد منهزما إلى حلب ، فأخلف عليه شمس الدين ابن الداية ما أخذ منه وجهزه وسيره إلى دمشق وعلى نفسها تجني براقش ، فلما وصلها سعد الدين دخلها واجتمع بالملك الصالح والأمراء وأعلمهم ما في قصد الملك الصالح إلى حلب من المصلحة ، فأجابوا إلى تسييره فسار إليها ، وكان مسيره في الثالث والعشرين من ذي الحجة ، ودخل حلب يوم الجمعة ثاني محرم سنة سبعين وخمسمائة ، ولما وصلها وصعد إلى قلعتها قبض الخادم سعد الدين على شمس الدين بن الداية وإخوته وعلى ابن الخشاب رئيس حلب.
قال ابن الأثير : ولو لا مرض شمس الدين لم يتمكن منه ولا جرى من ذلك الخلف والوهن شيء وكان أمر الله قدرا مقدورا ، فاستبد سعد الدين بتدبير أمر الملك الصالح إسماعيل فخافه ابن المقدم وغيره من الأمراء الذين بدمشق وكاتبوا سيف الدين ليسلموا إليه دمشق فلم يفعل ، وخاف أن تكون مكيدة عليه ليعبر الفرات ويسير إلى دمشق فيمنع عنها ويقصده ابن عمه من وراء ظهره فلا يمكنه الثبات ، فراسل الملك الصالح وصالحه على إقرار ما أخذه بيده وبقي الملك الصالح بحلب وسعد الدين بين يديه يدبر أمره وتمكن منه تمكنا عظيما يقارب الحجر عليه.
ذكر سبب قبض الخادم سعد الدين على أبناء الداية
والفتنة بين أهل السنّة والشيعة
قال في الروضتين وفي السيرة الصلاحية وفي المختار من الكواكب المضية : لما مات نور الدين كان متولي قلعة حلب شاذبخت الخادم النوري ، وكان شمس الدين علي أخو مجد الدين بن الداية إليه أمور الجيش والديوان وإلى أخيه بدر الدين حسن الشحنكية ، وكان بيده ويد إخوته جميع المعاقل التي حول حلب ، فلما بلغ عليا موت نور الدين حدثته نفسه بأمور ، وصعد إلى القلعة وكان مقعدا واضطرب البلد وتحزب الناس بحلب ، أهل السنة مع بني الداية والشيعة مع ابن الخشاب ، ونهبت الشيعة دار قطب الدين بن العجمي ودار بهاء الدين بن أمين الملك ، فأنزل الأمير علي بن محمد بن الداية والي القلعة جماعة من القلعيين وأمر أهل السنة أن يرجعوا إلى دار أبي الفضل بن الخشاب رئيس الشيعة ، فرجعوا إليها ونهبوها واختفى ابن الخشاب ، واتصلت هذه الأخبار بمن في دمشق من الأمراء فنظروا في