وتقربنا إليه وتوكلنا في جميع الأحوال عليه ، وتقدمنا بإسقاط كل مكس وضريبة في كل ولاية لنا بعيدة أو قريبة وإزالة كل جهة مشتبهة مشوبة ومحو كل سنة سيئة شنيعة ونفي كل مظلمة مظلمة فظيعة وإحياء كل سنة حسنة وانتهاز كل فرصة في الخير ممكنة وإطلاق كل ما جرت العادة بأخذه من الأموال المحظورة خوفا من عواقبها الرديئة المحذورة ، فلا يبقى في جميع ولايتنا جور جائر جاريا ولا عمل لا يكون به الله راضيا إيثارا للثواب الآجل على الحطام العاجل ، وهذا حق لله قضيناه وواجب علينا أديناه ، بل هي سنة حسنة سنناها ومحجة واضحة بيناها وقاعدة محكمة مهدناها وفائدة مغتنمة أفدناها اه».
ثم قال : وعاد نور الدين إلى سنجار فأعاد عمارة أسوارها ، ثم أتى حران وقد اقتطعها عن صاحب الموصل هي ونصيبين والخابور والمجدل ووصل حلب في خامس رجب. وقال ابن شداد : دخل حلب في شعبان وزوج صاحب الموصل ابنته.
قال في الروضتين : وصل الخبر بموت الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف بن المقتفي بالله ونور الدين مخيم بشرقي الموصل بتل توبة ، وكانت وفاته في ربيع الآخر ، وبويع ابنه المستضيء بالله ، وكانت خلافة المستنجد إحدى عشرة سنة وهو الثاني والثلاثون من خلفاء بني العباس ، وهذا العدد له بحساب الجمّل اللام والباء ، وفيه يقول بعض الأدباء :
أصبحت لب بني العباس كلهم |
|
إن عددت بحساب الجمّل الخلفا |
وكان من أحسن الخلفاء سيرة مع الرعية ، وكان عادلا فيهم كثير الرفق بهم وأطلق من المكوس كثيرا ولم يترك بالعراق مكسا ، وكان شديدا على أهل العيث والفساد والسعاية بالناس.
سنة ٥٦٧
ذكر إقامة الخطبة العباسية بمصر وانقراض الدولة العبيدية
قال في الروضتين : استفتح صلاح الدين أيوب هذه السنة بإقام الخطبة في الجمعة الأولى منها بمصر لبني العباس ، وفي الجمعة الثانية خطب لهم بالقاهرة وانقطع ذكر خلفاء