من مائتي ألف إنسان ، وقيل قتل منهم خمسمائة ألف من قيسارية وأرزن الروم ، وكان في جملة من قتل القاضي جلال الدين حبيب ، ثم سار أبغا إلى الأردو وصحبته معين الدين البرواناه ، فلما استقر بالأردو أمر بقتل البرواناه فقتل وقتل معه نيفا وثلاثين نفسا من مماليكه وخواصه. واسم البرواناه المذكور سليمان ، والبرواناه لقب وهو الحاجب بالعجمي ، وكان مقتله بألاطاغ وكان البرواناه حازما بتدبير المملكة ذا مكر ودهاء.
سنة ٦٧٦
ذكر وفاة الملك الظاهر بيبرس وآثاره بهذه البلاد
قال ابن إياس : في هذه السنة دخل السلطان إلى حلب [بعد رجوعه من محاربة التتار] فتوعك جسده وأخذته الحمى وسلسل في المرض ، فأسقاه الحكماء دواء مسهلا فأفرط في الإسهال وثقل في المرض ، فرحل من حلب وقصد الدخول إلى دمشق فمات في بعض ضياع دمشق ، فلما مات كتم موته عن العسكر وحمل في محفة إلى أن دخل دمشق فدفن هناك ليلا. وكان موته يوم الخميس في الثامن والعشرين من المحرم وله من العمر نحو ستين سنة ، وكان ملكا عظيما جليلا مهيبا كثير الغزوات خفيف الركاب يحب السفر والحركة في الشتاء والصيف ، وكان مشهورا بالفروسية في الحرب وله إقدام وعزم وقت القتال وله ثبات عند التقاء الجيوش في الحرب.
قال ابن كثير : لما مات الظاهر جعلوه في تابوت ورفعوه إلى القلعة من السور فجعلوه في بيت من بيوت البحرية إلى أن نقل إلى تربته التي بناها ولده بعد موته وهي دار العقيقي تجاه العادلية ليلة الجمعة خامس رجب من هذه السنة (١).
قال : وقد جمع له كاتبه ابن عبد الظاهر سيرة مطولة وكذلك ابن شداد الحلبي أيضا وذكر ثمة آثاره في البلاد المصرية وغيرها ، وله في تاريخ ابن شاكر المسمى بفوات الوفيات ترجمة حافلة مطولة وذكر ماله من الآثار في هذه البلاد ، وهي مصطبة كبيرة مرخمة بالميدان الأخضر شمالي حلب. جسر القلعة. جامع بأنطاكية مكان الكثيب. جامع في
__________________
(١) وتربته معروفة مشهورة وفيها الآن المكتبة المعروفة بالمكتبة الظاهرية وقبره رحمهالله في وسط هذا المكان.