من مماليك يلبغا وجس كتف سودون فرآه لابسها من تحت ثيابه فقال له : يا أمير سودون الذي يريد الصلح يدخل إلى دار السعادة وهو لابس آلة الحرب؟ فلكمه سودون فصاح على ذلك الكمين فخرجوا إلى سودون وقتلوه في دار السعادة وقتلوا معه أربعة مماليك من مماليكه.
إظهار يلبغا الناصري العصيان وتولية إينال اليوسفي على حلب
ثم إن يلبغا الناصري أظهر العصيان والتف عليه جماعة كثيرة من مماليك الأشرف شعبان ، وكان من جملة من التف على يلبغا الناصري تمربغا الأفضلي المدعو منطاش مملوك الظاهر برقوق ، وكان له مدة وهو منفي في المدن الشامية ، فالتف على يلبغا الناصري ، ثم إن الأمير تلكتمر لما جرى ما جرى بحلب رجع وأخبر السلطان بما وقع لسودون المظفري مع يلبغا ، فلما تحقق السلطان عصيان يلبغا الناصري أرسل خلعة إلى الأمير إينال اليوسفي بأن يستقر نائب حلب عوضا عن يلبغا الناصري ، وكان إينال أتابكي العساكر بدمشق ويلبغا الناصري في نفسه من الملك الظاهر برقوق عداوة قديمة كامنة في قلبه كما قيل :
الجرح يبرا ولكن كلما نظرت |
|
عين الجريح إليه جدد الوجعا |
قال ابن إياس ما خلاصته : ثم انضم إلى يلبغا الناصري نائب طرابلس ثم نائب حماة سودون العثماني ، ثم حضر قاصد من عند الأمير خليل بن قراجا بن ذي الغادر فأخبر أن الأمير سنقر نائب سيس قد خامر وخرج عن الطاعة ووافق يلبغا الناصري على العصيان ورحل من سيس وأتى إلى حلب ، فلما تحقق السلطان أن النواب قد خامروا عليه أنفق على العسكر فخرجوا من القاهرة في عظمة زائدة ، فلما خرجوا منها ووصلوا إلى دمشق جاءت الأخبار من هناك مع السعاة بأن العساكر لما وصلت إلى دمشق وجدوا يلبغا الناصري قد ملك الشام حتى قلعتها ، فلما وصل العسكر إليه أوقعوا معه بظاهر دمشق واقعة عظيمة حتى جرى الدم بينهم وقتل من الفريقين ما لا يحصى عددهم ، وآخر الأمر انكسر عسكر السلطان الذي أرسله وانتصر عليهم يلبغا الناصري ، ثم توجه يلبغا إلى مصر وضايقها ، وآخر الأمر طلب السلطان الأمان من يلبغا ثم اختفى ، ودخل يلبغا إلى مصر ، ثم وقع الاتفاق على عود الملك الصالح أمير حاج ابن الأشرف شعبان الذي خلعه برقوق من السلطنة ولقب بالملك المنصور. وقد بسط ابن إياس الحوادث في ذلك إلى أن قال :