سنة ٧٠٥
ذكر إغارة عسكر حلب على بلاد سيس
قال أبو الفداء : في أوائل المحرم من هذه السنة الموافق العشر الأخير من تموز أرسل قراسنقر نائب السلطنة بحلب مع قشتمر مملوكه عسكر حلب للإغارة على بلاد سيس فدخلوها في أول الشهر المذكور ، وكان قشتمر المذكور ضعيف العقل قليل التدبير مشتغلا بالخمر ففرط في حفظ العسكر ولم يكشف أخبار العدو واستهان بهم ، فجمع صاحب سيس جموعا كثيرة من التتر وانضمت إليهم الأرمن والفرنج ووصلوا على غرة إلى قشتمر المذكور ومن معه من الأمراء وعسكر حلب والتقوا بالقرب من أياس ، فلم يكن للحلبيين قدرة بمن جاءهم فتولوا يبتدرون الطريق ، وتمكنت التتر والأرمن منهم فقتلوا وأسروا غالبهم واختفى من سلم في تلك الجبال ولم يصل إلى حلب منهم إلا القليل عرايا بغير خيل. وكان صاحب سيس في هذه السنة هيثوم بن ليفون بن هيثوم.
سنة ٧٠٨
مسير السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الكرك
واستيلاء بيبرس الجاشنكير على المملكة
قال أبو الفداء : وفي هذه السنة في الخامس والعشرين من شهر رمضان خرج الملك الناصر محمد بن قلاوون من الديار المصرية متوجها إلى الحجاز الشريف. ولما وصل إلى الكرك واستقر بها أمر جمال الدين آقوش نائب السلطنة بها والأمراء الذين حضروا في خدمته بالمسير إلى الديار المصرية وأعلمهم أنه جعل السفر إلى الحجاز وسيلة إلى المقام بالكرك ، وكان سبب ذلك استيلاء سلار وبيبرس الجاشنكير على المملكة واستبدادهما بالأمور وتجاوز الحد في الانفراد بالأموال والأمر والنهي ، ولم يتركا للملك الناصر غير الاسم ، فأنف من ذلك وترك الديار المصرية وأقام بالكرك ، ولما وصلت الأمراء إلى الديار المصرية وأعلموا من بها بإقامة السلطان بالكرك اتفقوا على أن تكون السلطنة لبيبرس الجاشنكير وأن يكون سلار مستمرا على نيابة السلطنة كما كان عليه وحلفوا على ذلك. وركب بيبرس من داره بشعار السلطنة إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل وجلس على سرير الملك في الثالث والعشرين من