الفردوس :
هي خارج باب المقام. قال في الزبد والضرب : جعلتها تربة ومدرسة ورباطا ورتبت فيه خلقا من القراء والصوفية والفقهاء ، وهي معدودة في تاريخ ابن شداد من مدارس الشافعية ، وها هو اسمها مكتوب عليها في سطر حسن الخط جدا ، وما أحسن ما قيل في هذا المكان :
في باب فردوس حلب |
|
سطر من الخط عجب |
فيه صحاف من ذهب |
|
هن صحاف من ذهب |
يشير الشاعر بما ذكره إلى ما كتب هناك من الآية التي فيها ذكر صحاف الذهب التي يطاف بها على أهل الجنة.
أقول : هذه المدرسة لم تزل عامرة إلى الآن بل هي المدرسة الوحيدة التي حفظتها لنا الأيام في الجملة في تلك الأماكن ، وفي زماننا هذا لا قراء فيها ولا فقهاء غايته أنه تقام فيها الجمعة ويكثر المصلون فيها يوم الجمعة أيام الربيع. أما محرابها وعموداه وما فوقه فهو مما يستوقف الناظر إليه لحسن صنعته وبداعة هندسته وإحكام بنائه ، ولعله أعظم أثر عربي موجود في الشهباء ، ويتجلى لك فيه ما وصل إليه فن البناء في ذلك العصر من الرقي.
وعن يمين القبلية حجرة واسعة فيها ثمانية قبور لم تعلم أصحابها على التعيين لأن الكتابة التي على ألواح القبور كادت تكون ممحوة ، وقد تقدم وسيأتي لنا ذكر أشخاص من ملوك بني أيوب وغيرهم قلنا إنهم دفنوا في الفردوس.
وعن يسار القبلية حجرة كذلك وفي وسطها ضريحان بجانب بعضهما وعلى أحدهما ستار أخضر كتب عليه : هذا قبر علي بن أبي طالب نقله إلى هنا سيف الدولة بن حمدان. وهذا كذب لا أصل له ولا أدري من كتبه ولا زمن ذلك ، فإن قبر علي كرم الله وجهه في الكوفة في قصر الإمارة في مكان لا يعرف على التحقيق ، ولم نر مؤرخا قال إن عليا رضياللهعنه نقل إلى حلب مع شدة اعتناء المؤرخين خصوصا الشيعة بأخبار علي