أصل تمرلنك وشيء من أحواله إلى أن استفحل ملكه
والكتاب الذي أرسله إلى الملك الظاهر برقوق صاحب مصر وجواب هذا الكتاب والأسباب التي دعته إلى الرجوع إلى هذه البلاد ومجيئه إلى سيواس والبستان ثم عينتاب وقلعة الروم ثم إلى حلب وما فعله بهذه البلاد ثم بحلب من الفظائع وعظيم الجرائم والأسئلة التي سأل عنها علماء الشهباء وأجاب عنها القاضي محب الدين أبو الوليد محمد بن الشحنة وتوجهه إلى الشام وعوده منها إلى أطراف حلب ثم رجوعه إلى بلاد الشرق ووفاته وما آل إليه أمر ملكه وملك بنيه.
قال العلامة الدحلاني في تاريخه الفتوحات الإسلامية : كان ظهور تمرلنك في أواخر القرن الثامن بالديار الهندية وخراسان والعراق ، وكان ظهوره من أشد المحن والبلايا على هذه الأمة ، أفسد في الأرض وأهلك الحرث والنسل ، وهو وإن كان يدّعي الإسلام إلا أن قتاله مثل قتال الكفار لأنه فعل أفعالا مع المسلمين أكثر مما تفعله الكفار من القتل والأسر والتخريب ، وكان رافضيا شديد الرفض.
وسبب خروجه أن ملوك التتر اقتسموا الممالك وانتشرت الفتن بينهم مع بعضهم وكثر عليهم الثوار والخارجون ، وكان ذلك كله سببا لضعف دولة التتر وموجبا لقيام تيمور وغيره.
واختلفوا في نسب تيمور ، فقيل إن نسبه ينتهي إلى جنكز خان ملك التتر. وفي تاريخ ابن خلدون أن تيمور ينسب هو وقومه إلى جغطاي بن جنكز خان ، وجزم بعضهم بأن نسبه إلى جغطاي بن جنكز خان إنما هو من جهة أمه لا من جهة أبيه.
وكان أول ظهوره سنة سبعمائة وثلاث وسبعين وأرّخه بعضهم بقوله [عذاب ٧٧٣] وكان مبدأ أمره وأمر أبيه أنهما كانا فقيرين وكان أبوه أسكافيا من قرية من أعمال كش وهي مدينة من مدائن ما وراء النهر ، ونشأ ولده تيمور جلدا قويا ذا جسم غليظ ، فكان لشدة فقره يسرق كثيرا ، فسرق في بعض الليالي شاة واحتملها فشعر به الراعي فرماه بسهمين أصاب بأحدهما فخذه وبالآخر كتفه فأعابهما فكان أعرج اليمناوين ، ولذلك كان يقال له نصف إنسان ، ومع هذا لم يترك السرقة ، وما زال كذلك حتى اشتهر أمره وإفساده ، فظفر