ذكر كسرة التتر على حمص والغلاء في حلب
قال أبو الفداء : في يوم الجمعة خامس المحرم من هذه السنة كانت كسرة التتر على حمص ، وكان من حديثها أن التتر لما قدموا في آخر السنة الماضية إلى الشام اندفعت العزيزية والناصرية من بين أيديهم وكذلك الملك المنصور صاحب حماة ووصلوا إلى حمص واجتمع بهم الملك الأشرف صاحب حمص ووقع اتفاقهم على ملتقى التتر ، وسارت التتر إليهم والتقوا بظاهر حمص في نهار الجمعة المذكورة ، وكان التتر أكثر من المسلمين بكثير ففتح الله تعالى على المسلمين بالنصر وولى التتر منهزمين وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون منهم كيف شاؤوا ، ووصل الملك المنصور إلى حماة بعد هذه الوقعة وانضم من سلم من التتر إلى باقي جماعتهم وكانوا نازلين قرب سلمية واجتمعوا ونزلوا على حماة وبها صاحبها الملك المنصور وأخوه الملك الأفضل والعسكر ، وأقام التتر على حماة يوما واحدا ثم رحلوا عن حماة ، وأراد الملك المنصور بعد رحيل التتر المسير إلى دمشق فمنعه العامة من ذلك حتى استوثقوا منه أنه يعود إليهم عن قريب ، فسافر هو وأخوه الملك الأفضل في جماعة قليلة وبقي الطواشي مرشد في باقي العسكر بحماة ، ووصل المنصور بمن معه إلى دمشق ، وكذلك توجه الملك الأشرف صاحب حمص إلى دمشق.
وأما حسام الدين الجوكندار العزيزي فتوجه أيضا بمن في صحبته ولم يدخل دمشق ونزل بالمرج ، ثم سار إلى مصر ، وأقام صاحب حماة وصاحب حمص بدمشق في دورهما والحاكم بها يومئذ سنجر الحلبي الملقب بالسلطان الملك المجاهد وقد اضطرب أمره ، ولذلك أقام صاحب حماة وصاحب حمص بدمشق ولم يدخلا في طاعته لضعفه وتلاشي أمره. وأما التتر فساروا عن حماة إلى أفامية وكان قد وصل إلى أفامية سيف الدين الدنبلي الأشرفي ومعه جماعة فأقام بقلعة أفامية وبقي يغير على التتر ، فرحلوا عن أفامية وتوجهوا إلى الشرق اه.
وقال القطب اليونيني في حوادث هذه السنة : وفيها في أوائل المحرم كانت كسرة التتار على حمص وكانوا في ستة آلاف فارس ، فلما وصلوا حمص وجدوا عليها الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي ومن معه والملك المنصور صاحب حماة والملك الأشرف صاحب حمص في ألف وأربعمائة فارس ، فحملوا على التتار حملة رجل واحد فهزموهم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأتى القتل على معظمهم ، وكانت الوقعة عند قبر خالد بن الوليد رضي الله