وبكاس معتقلا وبقي في الاعتقال أياما ، ثم أخرجوه بعد أن اندفعوا بين يدي التتر كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
قال القطب اليونيني وأبو الفداء : وبعد أيام قلائل دهم التتر حلب في أواخر هذه السنة أعني سنة ثمان وخمسين وستمائة وملكوها وأخرجوا أهلها بعائلاتهم وأولادهم إلى قرنبيا ، واسمها مقر الأنبياء فسماها العامة قرنبيا ، ولما اجتمع المسلمون بقرنبيا أحاط بهم التتر في ذلك المكان ووضعوا فيهم السيف فأفنوا غالبهم وسلم القليل منهم ، فدخلوا إلى حلب في أسوأ حال ، ووصل حسام الدين الجوكندار ومن معه إلى حماة فضيفهم الملك المنصور محمد صاحب حماة وهو مستشعر خائف من غدرهم ، ثم رحلوا من حماة إلى حمص ، فلما قارب التتر حماة خرج منها الملك المنصور صاحبها وصحبته أخوه الملك الأفضل علي والأمير مبارز الدين وباقي العسكر واجتمعوا بحمص مع باقي العساكر إلى أن خرجت هذه السنة.
قال ابن خطيب الناصرية في الدر المنتخب في ترجمة الملك السعيد علي بن بدر الدين لؤلؤ : لما تقدم التتار إلى جهة حماة وقربوا منها رحل الملك المنصور والجوكندار بعسكرهما إلى حمص ووصلت التتار إلى حماة ونازلوها فأغلقت أبوابها ، فطلبوا منهم فتح الأبواب وأنهم يؤمنونهم كالمرة الأولى فلم يجيبوهم ، ولم يكن مع التتار خسرو شاه ولم يكن يثقون إلا إليه (١) ، واندفعوا عن حماة طالبين لقاء العسكر ، وأجفل الناس بين أيديهم وخاف أهل دمشق خوفا شديدا ، ثم وصل التتار إلى حمص وبها الأمير حسام الدين الجوكندار وصاحب حماة فاقتتلوا فانكسر التتار كسرة شديدة وكان مقدمهم بيدرا وذلك في أوائل المحرم سنة تسع وخمسين وستمائة اه.
سنة ٦٥٩
قال القطب اليونيني دخلت السنة التاسعة والخمسون وستمائة والمستولى على حلب وأعمالها الأمير حسام الدين لاجين الجوكندار العزيزي وهو في طاعة الملك الظاهر.
__________________
(١) انظر سبب ثقتهم به في أبي الفدا في حوادث سنة ٦٥٨.