السبت الثاني والعشرين من ربيع الآخر ، وأنشأ عزما على الغزاة ، فخرج ذلك اليوم إلى الوضيحي مبرزا نحو دمشق واستنهض العساكر فخرجوا يتبعونه ، ثم رحل في الرابع والعشرين منه إلى حماة فوصلها ، ثم رحل في بقية يومه ولم يزل يواصل بين المنازل حتى دخل دمشق في ثالث جمادى الأولى ، فأقام بها متأهبا إلى السابع والعشرين. ثم ذكر غزوته لعين جالوت وبسط القول في ذلك.
ذكر تولية السلطان صلاح الدين أخاه الملك العادل
أبا بكر بن أيوب على حلب
قال في الروضتين : كان الملك العادل نائبا بمصر ، فلما فتح السلطان حلب كتب العادل إليه يطلبها منه مع أعمالها ويدع الديار المصرية ، فكتب السلطان إليه أن يوافيه إلى الكرك فإنه سائر إلى فتحه ، فأشار القاضي الفاضل على السلطان أن يستنيب في الديار المصرية موضع أخيه العادل ابن أخيه تقي الدين ، فاستصحبه السلطان معه في رجب إلى الكرك هذه السنة ، وحاز في طريقه قبل وصوله إليها غنائم وخيم على الربة ، ثم حصر الكرك ورماه بالمجانيق صباحا ومساء ، وتناوب عليه الأمراء حتى خرج شهر رجب وما حصل منه الطلب ، لكن عظمت النكاية في الكفار بأخذ أموالهم وتخريب الديار ، ووصل الخبر أن الفرنج قد استجمعوا وتجمعوا بالموضع المعروف بالواله على قصد المسلمين وخلاص الكرك من أيديهم ، ورأى السلطان أن حصره يطول فعول على الرحيل إلى دمشق ، ووصل العادل إلى السلطان وهو بعد على الكرك فجهز تقي الدين إلى الديار المصرية واليا عليها وقوى عضده بصحبة القاضي الفاضل له. وتولى العادل حلب وأعمالها ومنبج وجميع قلاعها ، فسار إليها في رمضان ورجع منها إلى دمشق الملك الظاهر ونواب السلطان. قلت : وكتب العادل إلى الفاضل يستشيره في التعوض عن مصر بحلب فكتب إليه الفاضل كتابا فيه :
إنما أنت كغيث ماطر |
|
حيثما صرفه الله انصرف |
قال ابن أبي طي : كان السلطان يعظم الملك العادل ويعمل برأيه في جميع أموره ويتيمن بمشورته ، ولا يعلم بأنه أشار على السلطان بأمر فخالفه. حدثني قاضي اليمن جمال الدين قال : كان السلطان يجمع الأمراء للمشورة فإن كان العادل حاضرا سمع من رأيه وإن لم يكن حاضرا لم يقطع أمرا في المهمات حتى يكاتبه بجلية الأحوال ثم يسمع رأيه فيها ،