والهوان ، فاليوم تجدون ما كنتم تعملون (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) فقد ثبت عندكم أننا كفرة وثبت عندنا أنكم فجرة ، وسلطنا عليكم من بيده الأمور مقدرة والأحكام مدبرة ، فعزيزكم عندنا ذليل وغنيكم لدينا فقير. ونحن مالكون الأرض شرقا وغربا وأصحاب الأموال نهبا وسلبا وأخذنا كل سفينة غصبا. فميزوا بعقولكم طرق الصواب قبل أن تضرم الحرب نارها وترمي بشرارها ، فلا تبقي منكم باقية وتبقى الأرض منكم خالية. فقد أنصفناكم حين راسلناكم وأعذرنا كم إذ أنذرناكم ، فسارعوا إلينا برد الجواب بتة قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم تعلمون اه.
فطلبه ليحضر عنده ، ولما شاور الأمراء لم يمكنوه من المشي إلى هولاكو وبقي متحيرا خائفا مذعورا لم يدر ما يصنع ، غير أنه استخار الله وسيّر ولده الملك العزيز وصحبته الأموال الكثيرة والهدايا والتحف ، وبقي هناك من أوائل الشتاء إلى الربيع ، ثم عاد إلى أبيه قائلا : قد قال ملك الأرض نحن للملك الناصر طلبنا لا لولده ، فالآن إن كان قلبه صحيحا معنا يجيء إلينا وإلا فنحن نمشي إليه. فلما سمع الملك الناصر ذلك بقي مترددا في رأيه لأن الأمراء لم يمكنوه من المشي إليه وهو فقد وقع عنده الخوف والجزع ولم يطمئن على القعود اه.
صورة الجواب من الملك الناصر صاحب حلب إلى هولاكو
بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين ، قل اللهم مالك الملك إلخ الآية. وقفنا والحمد لله والصلاة على رسول الله محمد وآله وسلم على كتاب من الحضرة الأيلخانية والسدة السلطانية بصّرها الله رشدها وصيّر الحق والصواب مقبولا عندها ، فعرفنا من تفصيله وجملته ما أبان أنكم مخلوقون من سخط الله ونقمته وأنكم مسلطون على من حل عليه غضبه في محنته ، لا ترقون لشاك ولا ترحمون عبرة باك ، قد نزع الله الرحمة من قلوبكم ، وذلك كله من جملة عيوبكم ، ولقد كشفتم عن الأمر الخفي لأنه لا ينتزع الرحمة إلا من قلب شقي ، وهذه صفات الشياطين لا صفات السلاطين ، وكفى بهذا لكم واعظا شافيا وبما وصفتم به أنفسكم رادعا كافيا (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) ففي كل كتاب لعنتم وعلى لسان كل نبي أهنتم وبكل بيان بالقبيح عرفتم ووصفتم ، وعندنا خبركم من حيث خلقتم وأنتم الكفرة الظلمة كما زعمتم (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) وقلتم عنا إننا أظهرنا البدع في الإيمان واستحلينا الفسوق والعصيان ، لا غرو أن كان فرعون مذكرا والظالم