صاحب حلب ، وانتهت عمارتها في سنة ستة عشر وستمائة (أي بعد وفاته) وأنشأ إلى جانبها تربة أرصدها ليدفن بها من يموت من الملوك والأمراء اه.
قال ابن شداد بعد العبارة المتقدمة : وفوض النظر في المدرسة إلى القاضي بهاء الدين ابن شداد وشرف الدين أبي طالب العجمي ، وحضر السلطان يوم درس بها وعمل دعوة عظيمة حضرها الفقهاء اه.
أقول : وهذه المدرسة الآن خربة وحجرها التي كانت عن اليمين والشمال تهدمت ، وعواميدها العظيمة مع كثير من أنقاضها ملقاة في أرض المدرسة ، ولم يبق من آثار عمرانها سوى محرابها مع عمودين من الرخام وليس على بابها شيء من الكتابة ، وفي وسطها حوض مثمن بديع الصنعة. وحالتها الحاضرة تعرب عن عظمة شأنها وجلالة قدر بانيها ، وإذا أجلت النظر في أطرافها ونظرت إليها نظر معتبر سالت منك العبرات واشتعلت في فؤادك نيران الحسرات ، ولو كانت هي الخربة وحدها لهان الأمر ، لكن تجد خارج باب المقام كثيرا من المدارس والرباطات والخانقاهات قد أخنى عليها الزمان وجارت عليها الأيام وأصبحت أطلالا ورسوما وكلها تنبيك عن تقدم العمران في ذلك العصر وتدلك على ارتقاء العلم في الشهباء ورواج سوقه وأنها كانت محط الرحال ومنتهى الآمال.
ولا ندري هل يسمح الزمان في عمران ما هنالك من الآثار القديمة من مدارس وغيرها على شكل تستفيد منه الأمة ، ولا ريب أن ذلك خير من أن تبقى على هذه الحالة المؤدية إلى ذهاب تلك الآثار بتاتا ، فإن أهل تلك المحلة لفقرهم قد تسلطوا على أحجار تلك الآثار وهم يسرقون منها شيئا بعد شيء ، وإذا طال الحال ولم يتلاف ذلك تصبح هذه الأماكن التي هي مفاخر الآباء والأجداد أثرا بعد عين.
المدرسة الهروية
قال في الدر المنتخب : المدرسة الهروية أنشأها الشيخ أبو الحسن علي بن أبي بكر الهروي السائح قبلي حلب ، ولم تزل إلى أن كانت فتنة التتر فدثر بعضها ولم يبق بها ساكن ، وخرب وقفها لأنه كان سوقا بالحاضر اه.
أقول : نسبة إنشائها إلى الهروي سهو ، والذي أنشأها إنما هو الملك الظاهر غازي ، ففي تاريخ ابن خلكان في ترجمة أبي الحسن علي الهروي المذكور أن أبا الحسن كان فيه