إلا ما كان خرب أولا ، وأما حصنها المشهور فإنه انهدم على واليها تاج الدولة أبي العساكر ابن منقذ ومن تبعه إلا اليسير ممن كان خارجا ، وأما حلب فهدمت بعض دورها وخرج منها أهلها إلى ظاهر البلد وكفر طاب وأفامية وما والاها ودنا منها وبعد عنها من الحصون والمعاقل.
ثم حصلت بحلب أيضا فجاءتها زلزلة هائلة قلقلت من دورها وجدرانها العدد الكثير ، إلى أن قال : قال ابن الأثير : في سنة اثنتين وخمسين كان بالشام زلزلة شديدة ذات رجفات عظيمة أخربت البلاد وأهلكت العباد ، وكان أشدها بمدينة حماة وحصن شيزر فإنهما خربا بالمرة ، وكذا ما جاورهما كحصن بارين والمعرة وغيرهما من البلاد والقرايا ، وهلك تحت الهدم من الخلق ما لا يحصيه إلا الله تعالى ، وتهدمت الأسوار والدور والقلاع ، ولو لا أن الله تعالى منّ على المسلمين بنور الدين جمع وحفظ البلاد وإلا كان دخلها الفرنج بغير حصار ولا قتال. قال : ولقد بلغني من كثرة الهلكى أن بعض المعلمين بحماة ذكر أنه فارق المكتب لمهم فجاءت الزلزلة فأخربت الدور وسقط المكتب على الصبيان جميعهم ، قال المعلم : فلم يأت أحد يسأل عن صبي كان له في المكتب.
ذكر ملك نور الدين حصن شيزر بعد خرابها
قال أبو الفداء : إن صاحب شيزر كان قد ختن ولده وعمل دعوة للناس وأحضر جميع بني منقذ في داره ، فجاءت الزلزلة فسقطت الدار والقلعة عليهم فهلكوا عن آخرهم. وكان لصاحب شيزر بن منقذ المذكور حصان يحبه ولا يزال على باب داره ، فلما جاءت الزلزلة وهلك بنو منقذ تحت الهدم سلم منهم واحد وهرب يطلب باب الدار ، فلما خرج من الباب رفسه الحصان المذكور فقتله.
فلما خربت القلعة في هذه السنة بالزلزلة تسلم نور الدين القلعة والمدينة ، وكان ملكه لها ثالث جمادى الأولى من سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة واستولى على كل من فيها لبني منقذ وسلمها إلى مجد الدين أبي بكر بن الداية.
قال في الروضتين : قرأت في ديوان الأمير الفاضل مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ قصيدة يرثي أهله الذين هلكوا بالزلازل بحصن شيزر ، منها :
ما استدرج الموت قومي في هلاكهم |
|
ولا تخرمهم مثنى ووحدانا |