سنة ٥٩٥ و ٥٩٦
ذكر وفاة الملك العزيز صاحب مصر وحصر الأفضل
والظاهر عمهما العادل في دمشق ثم رجوعهما
وملك العادل مصر والصلح بين الظاهر وعمه العادل
قال أبو الفداء : ليلة السابع والعشرين من المحرم توفي الملك العزيز عماد الدين عثمان ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين صاحب مصر ، وكان الغالب على دولة الملك العزيز فخر الدين جهاركس ، فأقام في الملك ولد الملك العزيز الملك المنصور محمد واتفقت الأمراء على إحضار أحد من بني أيوب ليقوم بالملك وعملوا مشورة بحضور القاضي الفاضل ، فأشار بالملك الأفضل وهو حينئذ بصرخد ، فأرسلوا إليه فسار محثا ووصل إلى مصر على أنه أتابك الملك المنصور بن الملك العزيز ، وكان عمر الملك المنصور حينئذ تسع سنين وشهورا ، ولما وصل إلى بلبيس لقيه إخوته وجماعة الأمراء المصرية وجميع الأعيان ، فاتفق أن أخاه الملك المؤيد مسعودا صنع له طعاما وصنع له فخر الدين جهاركس مملوك أبيه طعاما ، فابتدأ بطعام أخيه ليمين حلفها أخوه أنه يبدأ به ، فظن جهاركس أنه فعل هذا انحرافا عنه وسوء اعتقاد فيه فتغيرت نيته [هذان السطران من ابن الأثير] وفارقه وتبعه عدة من العسكر وساروا إلى الشام وكاتبوا الملك العادل وهو محاصر ماردين.
وأرسل الملك الظاهر إلى أخيه الملك الأفضل يشير عليه بقصد دمشق وأخذها من عمه الملك العادل وأن ينتهز الفرصة لاشتغال العادل بحصار ماردين ، فبرز الملك الأفضل من مصر وسار إلى دمشق ، وبلغ الملك العادل مسيره إلى دمشق فترك على حصار ماردين ولده الملك الكامل ، وسار العادل وسبق الأفضل ودخل دمشق قبل نزول الأفضل عليها بيومين ، ونزل الملك الأفضل على دمشق ثالث عشر شعبان من هذه السنة ، وزحف من الغد على البلد وجرى بينهم قتال ، وهجم بعض عسكره المدينة حتى وصل إلى باب البريد ولم يمدهم العسكر ، فتكاثر أصحاب الملك العادل وأخرجوهم من البلد ، ثم تخاذل العسكر فتأخر الأفضل إلى ذيل عقبة الكسوة ، ثم وصل إلى الملك الأفضل أخوه الظاهر