سنة ٦٧٤
ذكر مجيء التتار إلى البيرة وانكسارهم عليها
قال ابن كثير : لما كان يوم الخميس ثامن جمادى الأولى نزل التتار على البيرة في ثلاثين ألف مقاتل من المغول [وكان اسم مقدمهم أقطاي كما في أبي الفداء] وخمسة عشر ألفا من الروم والمقدم على الجميع البرواناه بأمر أبغا ملك التتر ومعهم جيش الموصل وجيش ماردين والأكراد ونصبوا عليها ثلاثة وعشرين منجنيقا ، فخرج أهل البيرة بالليل فكبسوا عسكر التتار وأحرقوا المنجنيقات ونهبوا شيئا كثيرا ورجعوا إلى بيوتهم سالمين ، فأقام عليها الجيش مدة إلى تاسع عشر الشهر المذكور ، ثم رجعوا عنها بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا.
ولما بلغ السلطان نزول التتار على البيرة أنفق في الجيش ستمائة ألف دينار ، ثم ركب سريعا وفي صحبته ولده السعيد ، فلما كان في أثناء الطريق بلغه رحيل التتار عنها فعاد إلى دمشق اه.
سنة ٦٧٥
ذكر انكسار التتار على البلستين وفتح قيسارية
قال أبو الفداء وابن كثير وابن إياس : في هذه السنة جاءت الأخبار بأن التتار زحفوا على البلاد ، فجاء الملك الظاهر بيبرس بعساكره المتوافرة إلى الشام ، وكان خروجه من مصر في العشرين من رمضان ودخل دمشق في سابع عشر شوال فأقام بها ثلاثة أيام ، ثم سار حتى دخل حلب فأقام بها يوما ورسم لنائب حلب أن يقيم بعسكر حلب على الفرات لحفظ المعابر ، وسار السلطان فقطع الدربند في نصف يوم ، ووقع سنقر الأشقر في أثناء الطريق بثلاثة آلاف من المغول فهزمهم يوم الخميس تاسع ذي القعدة ، وصعد العسكر الجبال فأشرفوا على وطاة البلستين عاشر ذي القعدة فرأوا التتار قد رتبوا عساكرهم وكانوا أحد عشر ألف مقاتل وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم ، فلما تراءى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت صناجق السلطان ودخلت طائفة بينهم