من ساعته إلى حلب ، ولم يعلم به العسكر إلا وهو في الموكب معهم ، وعاد إلى دمشق في ثالث عشر المحرم المذكور ، ثم توجه إلى القدس ثم إلى القاهرة فوصل إليها في ثالث صفر من هذه السنة اه.
سنة ٦٦٩
ذكر ترتيب الملك الظاهر بيبرس خيل البريد
بين البلاد المصرية والبلاد الشامية
قال ابن إياس : في هذه السنة رتب السلطان خيل البريد بسبب سرعة أخبار البلاد الشامية ، فكانت أخبار البلاد الشامية ترد عليه في الجمعة مرتين ، وقيل إنه أنفق على ذلك جملة مال حتى تم له ترتيب ذلك. وكان خيل البريد عبارة عن مراكز بين القاهرة ودمشق وفيها عدة خيول جيدة وعندها رجال يعرفون بالسواقين ، ولا يقدر أحد أن يركب من خيل البريد إلا بمرسوم سلطاني ، وكان عند كل مركز ما يحتاج إليه المسافرون من زاد وعلف وغير ذلك ، وهذا كله لأجل سرعة مجيء أخبار البلاد الشامية وغيرها من البلاد. وقيل إن الملك الظاهر بيبرس هذا كان يعمل موكبا بمصر وموكبا بالشام ، وكانت خيل البريد مرصودة بسبب ذلك ، حتى لقد قال القائل في المعنى :
يوما بمصر ويوما بالشآم ويو |
|
ما بالفرات ويوما في قرى حلب |
واستمر هذا الأمر باقيا بعد الملك الظاهر بيبرس مدة طويلة ، ثم تلاشى أمره قليلا قليلا حتى بطل في دولة الملك الناصر فرج بن برقوق عند ما قدم تيمور لنك إلى الشام وأخرب البلاد الشامية وذلك في سنة ثلاث وثمانمائة ، فعند ذلك بطل أمر خيل البريد مع جملة ما بطل من شعائر مملكة الديار المصرية اه.
سنة ٦٧٠
ذكر إغارة التتر على عينتاب ورجوعهم عنها
وانهزامهم من الملك الظاهر على الفرات
قال ابن كثير : في هذه السنة في ربيع الأول وصلت الجفال من حلب وحماة وحمص إلى دمشق بسبب الخوف من التتار وجفل خلق كثير من أهل دمشق.