قدامهم حتى خرجوا عن البلد ، ثم عادوا عليهم وهرب المسلمون طالبين المدينة والتتر يقتلون فيهم حتى دخلوا البلد ، واختنق في أبواب البلد جماعة من المنهزمين ، ثم رحل التتر إلى أعزاز فتسلموها بالأمان ، ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وستمائة اه.
سنة ٦٥٨
ذكر مسير هولاكو بجيوشه إلى الديار الحلبية
قال أبو الفرج الملطي : وفي سنة ثمان وخمسين وستمائة دخل هولاكو أيلخان الشام ومعه من العساكر أربعمائة ألف ، ونزل بنفسه على حران وتسلمها بالأمان وكذلك الرها ، ولم يدن لأحد فيهما سوء ، وأما أهل سروج فإنهم أهملوا أمر المغول فقتلوا عن أقصاهم ، وتقدم هولاكو فنصب جسرا على الفرات قريبا من مدينة ملطية وآخر عند قلعة الروم وآخر عند قرقيسيا وعبرت العساكر جملتها وقتلوا عند منبج مقتلة عظيمة ، ثم تفرقت العساكر على القلاع والمدن ونفر قليل من العسكر طلب حلب ، فخرج إليهم الملك العظيم بن صلاح الدين الكبير فالتقاهم وانكسر قدام المغول ودخل المدينة منهزما ، وطرف منهم وصل المعرة وخربوها وتسلموا حماة بالأمان وحمص أيضا ، فلما بلغ ذلك الملك الناصر أخذ أولاده ونساءه وجميع ما يعز عليه وتوجه منهزما إلى برية الكرك والشوبك ، وعندما وصلت المغول إلى دمشق خرج أعيانها إليهم وسلموخا لهم بالأمان ولم يحلق بأحد منهم أذى.
وأما هولاكو فإنه بنفسه نزل على حلب وبنى عليها سيبا ونصب المنجنيقات واستضعف في سورها موضعا عند باب العراق وأكثر القتال والزحف عليه ، وفي أيام قلائل ملكوها ودخلوها يوم الأحد الثالث والعشرين من كانون الثاني من هذه السنة وقتل فيها أكثر من الذي قتل ببغداد ، وبعد ذلك أخذوا القلعة في أسرع ما يكون وقتا اه.
استيلاء التتر على حلب ثم على قلعتها
قال أبو الفداء : في هذه السنة يوم الأحد تاسع صفر كان استيلاء التتر على حلب ، وسببه أن هولاكو عبر الفرات بجموعه ونازل حلب ، وأرسل هولاكو إلى الملك المعظم تورانشاه بن صلاح الدين نائب السلطنة بحلب يقول له : إنكم تضعفون عن لقاء المغل ونحن قصدنا الملك الناصر فاجعلوا لنا عندكم بحلب شحنة ونتوجه نحن إلى العسكر ،