فلما تحقق السلطان صحة هذا الخبر جمع الأمراء واستشارهم فيما يكون من أمر القان أحمد ، فوقع الاتفاق من الأمراء على أن السلطان يرسل إليه الإقامات ويلاقيه ، فعند ذلك عين السلطان الأمير أزدمر الساقي وصحبته الإقامات وما يحتاج إليه القان أحمد من مال وقماش وغير ذلك ، فخرج الأمير أزدمر على جياد الخيل. ثم عقب ذلك حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد أبي يزيد مراد بك بن عثمان ملك الروم على يده تقادم عظيمة للسلطان ، وكان سبب مجيء قاصد ابن عثمان (رسول السلطان بايزيد رحمهالله) أنه أرسل يخبر السلطان بأمر تمرلنك ويحذره عن الغفلة في أمره. ثم حضر قاصد ماردين وأخبر بأن تمرلنك ملك بلاد الأكراد وأن تمرلنك حاصر البصرة ورجع عنها بخفي حنين بعد أن قتل من عسكره ما لا يحصى.
فلما تواترت الأخبار بذلك رسم السلطان للأمير علاء الدين بن الطبلاوي والي القاهرة بأن ينادي في القاهرة للعسكر بالعرض في الميدان بسبب تمرلنك الخارجي وجعل يكرر هذه المناداة ثلاثة أيام متوالية بأن لا يتأخر عن العرض لا كبير ولا صغير وعلق الجاليش ، فاضطربت أحوال الديار المصرية وما صدق العسكر بأن فتنة منطاش قد خمدت فانتشبت لهم هذه الفتنة العظيمة فكان كما قيل في المعنى :
وثقيل ما برحنا |
|
نتمنى البعد عنه |
غاب عنا ففرحنا |
|
جاءنا أثقل منه |
سنة ٧٩٦
وصول القان أحمد إلى الديار المصرية واستيلاء تمرلنك
على ديار بكر والرها وخروج السلطان برقوق مع القان أحمد
إلى دمشق
قال ابن خلدون في أواخر الجزء الخامس : لما استولى تمرلنك على بغداد وانهزم منه صاحبها القان أحمد بن أويس ونجا أحمد إلى الرحبة من تخوم الشام فأراح بها وطالع نائبها السلطان بأمره فسرح بعض خواصه لتقليه ١ بالنفقات والأزواد وليستقدمه ، فقدم به إلى
__________________
١ ـ هكذا في الاصل وفي تاريخ ابن خلدون.