ذكر عصيان يلبغا الناصري نائب حلب وقتله للأمير
سودون النائب السابق واستيلائه على الشام ثم على مصر
وخلعه للسلطان الملك الظاهر برقوق
وإقامته في الملك للملك الصالح حاجي
قال ابن إياس : في هذه السنة جاءت الأخبار بأن يلبغا الناصري نائب حلب خامر وخرج عن الطاعة وقتل الأمير سودون المظفري الذي كان نائب حلب قبله وقتل أربعة أنفس من مماليك سودون وأمسك حاجب الحجاب بحلب وجماعة من أمرائها ، وسبب ذلك (١) أنه كان قد وقع بينه وبين سودون المظفري تشاجر فأرسل سودون يشتكي من يلبغا الناصري إلى السلطان بما وقع منه في حقه ، فلما بلغ السلطان ذلك أرسل الأمير تلكتمر المحمدي الدوادار الثاني إلى حلب ليصلح بين يلبغا الناصري وبين سودون المظفري ، وقيل إن السلطان أرسل في الدس مراسيم على يد الأمير تلكتمر إلى سودون المظفري بأن يقبض على يلبغا الناصري نائب حلب ، فلما وصل الأمير تلكتمر إلى حلب بلغ يلبغا الناصري أمر المراسيم التي جاء بها الأمير تلكتمر فخرج إلى تلقيه ، وكان بين الأمير يلبغا الناصري وبين الأمير تلكتمر صحبة مؤكدة فما أمكنه أن يخفي عنه أمر المراسيم ، فلما وقف عليها يلبغا الناصري أخذها وأخفاها ثم توجه إلى دار السعادة (دار العدل كما في روض المناظر) وطلب قضاة حلب والأمير سودون المظفري ليقرأ عليهم المراسيم التي جاءت بالأمر بالصلح بين يلبغا الناصري وسودون ، فلما أرسل خلف سودون لم يحضر إلى دار السعادة ، فأرسل خلفه أربع مرات والقضاة جالسون والأمير تلكتمر فما حضر سودون إلا بعد جهد كبير ، فطلع سودون وهو لابس زردية من تحت ثيابه وكان يلبغا الناصري هيّأ جماعة من مماليكه في دار السعادة وهم لابسون آلة الحرب ، فلما دخل سودون من باب دار السعادة تقدم إليه مملوك
__________________
(١) ذكر ابن خلدون في أواخر الجزء الخامس من تاريخه أسبابا أخر لخروج يلبغا الناصري عن الطاعة فراجعها إن شئت.