ترجمة كمشبغا وزيادة بيان في الحرب بينه وبين البانقوسيين
قال ابن خطيب الناصرية : كمشبغا الحموي الأمير سيف الدين نائب حلب ، هو من عتقاء الأمير يلبغا الخاصكي العمري ، وكان عالي المنزلة عنده واستقر به أمير أربعين بالقاهرة ، وكان أكبر رؤوس النواب عنده ، ثم أخرج بعد وفاته إلى حلب وأقام بها بطالا إلى أن كانت أيام الملك الظاهر أبي سعيد برقوق ، فولاه نيابة السلطنة ونقله من صفد إلى حماة وإلى طرابلس وحلب ودمشق ، ثم حبسه بقلعة دمشق ، ثم ولي نيابة السلطنة بحلب فدخل إليها في السنة المذكورة. فلما ركب منطاش على الناصري وأمسكه وظهر برقوق من الكرك جمع الأمير كمشبغا عسكر حلب وحلفهم لبرقوق وذلك في رمضان من السنة ، فلما انقضى رمضان ودخل شوال ركب البانقوسيون وصحبتهم بعض الأمراء على الأمير كمشبغا. وكان محبوسا بقلعة حلب الأمير طرنطاي الذي كان نائب دمشق وبكلمش أحد الأمراء المصريين كان الناصري قد أمسكهم بدمشق وحبسهم بقلعة حلب فأطلقهما الأمير كمشبغا وأحسن إليهما واتفقا معه وجد في قتال البانقوسيين ، وكان في عسكر قليل وهم في عسكر كثير ، واستمر القتال بينهم في البياضة ثلاثة أيام ، ثم انتصر كمشبغا على البانقوسيين وقتل منهم جماعة ، فلما حضر برقوق من الكرك إلى دمشق وأقام على قبة يلبغا ظاهر دمشق توجه إليه الأمير كمشبغا بمن معه من العسكر الحلبي وأمده بكثير من الخيم والخيل والماعون وغير ذلك وبالغ في ذلك ، ولما كان يوم شقحب (مكان الوقعة وقدم تقدم ذكرها) توجه منهزما إلى جهة حلب لما حصلت الكسرة للميسرة التي كان هو مقدمها فلم يرد وجهه إلى أن دخل حلب ثم طلع إلى قلعتها ، فلما علم البانقوسيون بهذا الأمر قاموا وجدوا في قتاله وحاصروه ، وبعث إليهم منطاش نائبا إلى حلب هو أخوه الأمير تمنتمر وكان إنسانا حسنا وجدوا في حصار القلعة ، وصبر الأمير كمشبغا على محاصرتهم له ولم يمكنهم من بلوغ الغرض ، واستمر الحصار أربعة أشهر إلا يومين وذلك سنة اثنين وتسعين وسبعمائة ومنطاش يومئذ بدمشق بعد عود السلطان الملك الظاهر برقوق إلى الديار المصرية من شقحب ، فلما بلغ الأمير كمشبغا انهزام منطاش من دمشق فتح باب قلعة حلب بموافقة البانقوسيين له وهرب نائب حلب الذي كان من جهة منطاش فاستمر الصلح بينهم أياما قلائل جدا نحو ثلاثة ، ثم وقع بينهم فقاتلهم الأمير كمشبغا وقاتلوه قتالا شديدا فانتصر عليهم وقتل من أعيانهم وجندهم جماعة كثيرة ونهب بانقوسا كما نهبها أولا ، واجتهد