فرسا ، فلما أحضره آخرهم قال لهم : أما تستحون مني كما أستحي أنا منكم ، قد أحضر هذا عندي اثنا عشر رجلا وأنا أتغافل لئلا يخجل أحدكم ، أتظنون أنني لا أعرفه ، بلى والله وإنما أردت أن يصلكم عطائي بغير منّ ولا تكدير فلم تتركوني.
ليس الغبي بسيد في قومه |
|
لكن سيد قومه المتغابي |
قال : وكان يعطي كثيرا ويخلع عظيما ، وكان له البلاد الكثيرة فلم يخلف شيئا بل أنفده جميعه في العطايا والإنعام على الناس ، وكان يلبس الغليظ ويشد على وسطه كل ما يحتاج إليه من سكين ودوفش ومطرقة ومسلة وخيوط ودسترك وغير ذلك.
وكان أشجع الناس ميمون النقيبة لم يهزم له راية ، وكان يقوم المقام الخطير فيسلم منه بحسن نيته. وكان تركيا أسمر اللون خفيف العارضين قصيرا جدا. وبنى مدارس وربطا بالموصل وغيرها. وبلغني أنه مدحه الحيص بيص ، فلما أراد الإنشاد قال له : أنا لا أدري ما تقول لكن أعلم أنك تريد شيئا ، فأمر له بخمسمائة دينار وأعطاه فرسا وخلعا وثيابا يكون مجموع ذلك ألف دينار.
ترجمة ولده الملك المعظم مظفر الدين صاحب إربل المجدد لبناء هذه الخانقاه :
قال ابن خلكان : أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن علي بن بكتكين الملقب الملك المعظم مظفر الدين صاحب إربل ، ولما توفي والده ولي موضع أبيه وعمره أربع عشرة سنة ، وكان أتابكه مجاهد الدين قايماز ، فأقام مدة ثم تعصب مجاهد الدين عليه وكتب محضرا أنه ليس أهلا لذلك ، وشاور الديوان العزيز (أي الخليفة في بغداد) في أمره واعتقله وأقام أخاه زين الدين أبا المظفر يوسف مكانه ، وكان أصغر منه ، ثم أخرج مظفر الدين من البلاد فتوجه إلى بغداد فلم يحصل له بها مقصود ، فانتقل إلى الموصل ومالكها يومئذ سيف الدين غازي بن مودود فاتصل بخدمته وأقطعه مدينة حران ، فانتقل إليها وأقام بها مدة ، ثم اتصل بخدمة السلطان صلاح الدين وحظي عنده وتمكن منه وزاده في الإقطاع الرها في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ، وأخذ صلاح الدين الرها من ابن الزعفراني وأعطاها مظفر الدين مع حران وأخذ الرقة من ابن حسان وأعطاها ابن الزعفراني ، ثم أعطاه سميساط وزوجه أخته الست ربيعة خاتون بنت أيوب. وشهد مع صلاح الدين مواقف كثيرة وأبان فيها عن نجدة