سنة ٧٣٨
عود العساكر من بلاد سيس وزيادة بيان لهذه الحوادث
قال في كتاب السلوك : وفي يوم الخميس ثالث عشر المحرم قدمت التجريدة من بلاد سيس ، وكان من خبر ذلك أنهم لما ساروا من القاهرة في ثاني عشر شعبان وقدموا دمشق تلقاهم الأمير تنكز ولم يعبأ بالأمير أرقطاي مقدم العسكر لما في نفسه منه ، ومضوا إلى حلب فقدموها في رابع عشرين رمضان وأقاموا بها يومين ، فقدم الأمير قطلوبغا الفخري بعسكر الشام وقد وصل إلى جعبر ، ثم ساروا جميعا يوم عيد الفطر حتى نزلوا على إسكندرونة أول بلاد سيس وقد تقدمهم الأمير مغلطاي العزي إليها بشهرين حتى جهز المجانيق والزحافات والجسورة الحديد والمراكب وغير ذلك لعبور نهر جيحان ، فقدم عليهم البريد من دمشق بأن تكفور وعد بتسليم القلاع للسلطان فلترد المجانيق وجميع آلات الحصار إلى بغراس وليقم العسكر على مدينة أياس حتى يرد مرسوم السلطان بما يعتمد في أمرهم. وكانت التراكمين قد أغاروا على بلاد سيس ومعهم ابن قرمان فتركوها أوحش من بطن حمار ، فبعث تكفور رسله في البحر إلى دمياط فلم يأذن السلطان لهم في القدوم عليه من أجل أنهم لم يعلموا نائب الشام بحضورهم ، فعادوا إلى تكفور فبعث بهدية إلى نائب الشام وسأله منع العسكر من بلاده وأن يسلم القلاع التي من وراء نهر جيحان جميعها للسلطان ، فكاتب السلطان بذلك وبعث أوحد المهمندار إلى نائب حلب بمنع القادة ورد الآلات إلى بغراس ، فردها وركب بالعسكر إلى أياس فقدمها يوم الاثنين ثاني عشر شوال وقد تحصنّت ، فبادر العسكر وزحف عليها بغير أمره فكان يوما مهولا جرح فيه جماعة كثيرة. واستمر الحصار إلى يوم الخميس خامس عشره أحضر نائب حلب خمسين نجارا وعمل زحافتين وستارتين ونادى في الناس بالركوب للزحف ، فاشتد القتال حتى وصلت الزحافات والرجال إلى قرب السور بعدما استشهد جماعة كثيرة ، فترجل الأمراء عن خيولهم لأخذ السور ، وإذا بأوحد المهمندار ورسل تكفور قد وافوا برسالة نائب الشام فعادوا إلى مخيمهم ، فبلغهم أن يكفوا عن الغارة ، فلم يوافقوه على ذلك ، واستقر الحال على أن يسلموا أياس بعد ثمانية أيام. فلما كان اليوم الثامن أرسل تكفور مفاتيح القلاع على أن يرد ما سبى ونهب من بلاده ، فنودي برد السبي فأحضر كثير منه وأخرب الجسر الذي نصب على نهر جيحان. وتوجّه الأمير مغلطاي العزي فتسلم قلعة كوارة وكانت من أحصن قلاع