ذكر ولاية الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين
قال في الروضتين : قال ابن الأثير : لما توفي نور الدين جلس ابنه الملك الصالح إسماعيل في الملك بعده ، وكان عمره إحدى عشرة سنة ، وحلف له الأمراء والمقدمون بدمشق وأقام بها وأطاعه الناس في سائر بلاد الشام وصلاح الدين بمصر ، وخطب له بها وضرب السكة باسمه فيها ، وتولى تربيته الأمير شمس الدين محمد بن المقدم اه.
قال في الزبد والضرب : لما توفي نور الدين كان والي قلعة حلب جمال الدين شاذبخت الخادم الهندي عتيق نور الدين وهو الذي بنى المدرسة لأصحاب أبي حنيفة بحلب ، فوصله كتاب الطير بوفاة نور الدين ، فأمر في الحال بضرب الدبابات والكوسات والبوقات ، وأحضر المقدمين والأعيان والفقهاء والأمراء وقال : قد وصل كتاب الطائر يخبر أن مولانا الملك العادل قد ختن ولده وولاه العهد بعده ومشى بين يديه ، فأظهروا السرور بذلك وحمدوا الله تعالى فقال : تحلفون لولده الملك الصالح كما أمر الملك العادل بأن حلب له وأن طاعتكم له وخدمتكم كما كانت لأبيه ، فحلف الناس على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم في ذلك اليوم ولم يترك أحدا منهم يزول من مكانه ، ثم قام إلى مجلس آخر ولبس ثياب الحداد وخرج إليهم وقال : يحسن الله عزاكم في الملك العادل فإن الله تعالى قد نقله إلى جنات النعيم ، فأظهروا الحزن والكآبة والأسف والبكاء. واستقر الملك الصالح وتوجه المؤيد ابن العميد وعثمان بن زردك وهمام الدين إلى حلب في الرابع والعشرين من شوال لإثبات ما في خزائن حلب وختمها بختم الملك الصالح.
ذكر ملك سيف الدين صاحب الموصل البلاد الجزرية
قال ابن الأثير : كان نور الدين قبل أن يمرض قد أرسل إلى البلاد الشرقية وديار الجزيرة وغيرها يستدعي العساكر لحجة الغزاة والمراد غيرها ، فسار سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن زنكي صاحب الموصل في عساكره وعلى مقدمته الخادم سعد الدين كمشتكين الذي كان قد جعله نور الدين بقلعة الموصل مع سيف الدين ، فلما كانوا ببعض الطريق وصلت الأخبار بوفاة نور الدين ، فأما سعد الدين فإنه كان في المقدمة