باليأس عندك آمل لم يمتحن |
|
بالرد دونك سائل لن يجبها |
أتعبت نفسك كي تنال رفاهة |
|
من ليس يتعب لا يعيش مرفها |
فقت الملوك سماحة وحماسة |
|
حتى عدمنا فيهم لك مشبها |
ولك الفخار على الجميع فدونهم |
|
أصبحت عن كل العيوب منزها |
وأراك تحلم حين تصبح ساخطا |
|
ويكاد غيرك ساخطا أن يسفها |
قال صاحب الروضتين : رحم الله العماد فقد نظم أوصاف نور الدين الجليلة بأحسن لفظ وأرقه (١) وهذا البيت الأخير مؤكد لما نقلناه في أول الكتاب من قول الحافظ أبي القاسم ابن عساكر في وصف نور الدين إنه لم يستمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره ، وقل من الملوك من له حظ من هذه الأوصاف الفاضلة والنعوت الكاملة.
قال العماد : ثم عاد نور الدين إلى حلب في شهر رجب وضربت خيمته في رأس الميدان الأخضر. قال : وكان مولعا بضرب الكرة ، وربما دخل الظلام فلعب بها بالشموع في الليلة المسفرة. ويركب صلاح الدين مبكرا كل بكرة ، وهو عارف بآدابها في الخدمة وشروطها المعتبرة. قال : وأقطعه في تلك السنة ضيعتين إحداهما من ضياع حلب والأخرى من ضياع كفر طاب.
سنة ٥٦٤
ذكر ملك نور الدين قلعة جعبر
قال في الروضتين : في أول هذه السنة ملك نور الدين رحمهالله قلعة جعبر وأخذها من صاحبها شهاب الدين بلك بن علي بن بلك العقيلي من آل عقيل من بني المسيب ، وكانت بيده ويد آبائه من قبله من أيام السلطان ملكشاه ، وقد تقدم ذكر ذلك ، وهي من أمنع الحصون وأحسنها ، مطلة على الفرات لا يطمع فيها بحصار ، وقد أعجز جماعة من الملوك أخذها منه وقتل عليها عماد الدين زنكي والد نور الدين ، ثم اتفق أن خرج صاحبها منها يوما يتصيد فصاده بنو كلب فأخذوه أسيرا وأوثقوه وحملوه إلى نور الدين فتقربوا به إليه ، ورغبه في الإقطاع والمال ليسلم إليه القلعة فلم يفعل ، فعدل به نور الدين إلى الشدة
__________________
(١) أقول : العماد الكاتب ليس من الشعراء المجيدين ونثره خير من نظمه.