والعنف وتهدده فلم يفعل أيضا ، فسير إليها عسكرا مقدمه الأمير فخر الدين مسعود بن أبي علي الزعفراني فحصرها مدة فلم يظفر منها بشيء ، فأمدهم بعسكر آخر وجعل على الجميع الأمير مجد الدين أبا بكر المعروف بابن الداية وهو أكبر أمراء نور الدين ورضيعه ووالي معاقله ، فأقام عليها وطاف حواليها فلم ير له في فتحها مجالا ، ورأى أخذها بالحصر متعذرا محالا ، فسلك مع صاحبها طريق اللين وأشار عليه بأخذ العوض من نور الدين ، ولم يزل يتوسط معه حتى أذعن على أن يعطى سروج وأعمالها والملاحة التي في عمل حلب والباب وبزاعة وعشرين ألف دينار معجلة ، فأخذ جميع ما شرطه مكرها في صورة مختار.
قال ابن الأثير : وهذا إقطاع عظيم جدا لكنه لا حظ فيه. وتسلم مجد الدين قلعة جعبر وصعد إليها منتصف المحرم ووصل كتابه إلى نور الدين بحلب فسار إليها وصعد القلعة في العشرين من المحرم ، ثم سلمها نور الدين إلى مجد الدين بن الداية فولاها أخاه شمس الدين علي ، وكان هذا آخر أمر بني بلك ولكل أمر حد ولكل ولاية نهاية ، يؤتي الله الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء. قال ابن الأثير : بلغني أنه قيل لشهاب الدين : إيما أحب إليك وأحسن مقاما سروج والشام أم القلعة؟ فقال : هذا أكثر مالا والعز بالقلعة فارقناه اه.
وفيها في سابع صفر من هذه السنة توفي بهاء الدين عمر أخو مجد الدين بن الداية. وفيه وفي أخويه يقول العماد الكاتب من قصيدة :
أنتم لمحمود كآل محمد |
|
متصادفي الأفعال والأسماء |
يتلو أبا بكر على حسناته |
|
عمر الممدح في سنا وسناء |
ويليه عثمان المرجى للعلا |
|
وعليّ المأمول في اللأواء |
وتقبل الحسن الممجد مجدهم |
|
فهم ذوو الإحسان والنعماء |
فرعت لمجد الدين أخوته الذرى |
|
دون الورى في المجد والعلياء |
من سابق كرما وشمس ساده |
|
شرفا وبدر دجنة وبهاء |
سرج الهدى سحب الندى شهب النهى |
|
أسد الحروب ضراغم الهيجاء |
يريد سابق الدين عثمان وشمس الدين علي وبدر الدين حسن وبهاء الدين عمر ومجد الدين هو الأكبر ، فهم خمسة رحمهمالله تعالى.
وفي هذه السنة فتحت الديار المصرية سار إليها أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين