والقبة التي فوق المحراب ذات هندسة بديعة حفظتها لنا الأيام مع ارتفاع بنائها وضخامة أحجارها. وقد كان بعض جدار القبلية الشمالي معمولا من الخشب فتوهن وصار يتطرق منه الهواء إلى القبلية فيتأذى به المصلون أيام الشتاء ، فأزيل ذلك الخشب وبني عوضه من الحجر وذلك في سنة ١٣٤٠. وحصل في الجامع في هذه السنة شيء من الترميم من طرف دائرة الأوقاف ومن بعض أهل الخير فعاد للجامع بعض رونقه.
وكان أحدث أمام الباب الصغير الشرقي ميضاة بحيث منعت الدخول إلى الجامع من هذا الباب وقد أزيلت سنة ١٣٤٠ ، ومن هذا الباب تخرج إلى الخندق القديم الذي كان محيطا بسور البلد ، وقد طم هذا الخندق وصار الآن جادة واسعة ووراء هذه الجادة المحلة المعروفة ببرية المسلخ.
وجدار القبلية الشرقي هو داخل في بناء السور ولذا كتب عليه من خارجه :
١ ـ البسملة ، أمر بعمارة هذا السور في أيام مولانا السلطان الملك الناصر أبي السعادات بن محمد بن الملك الأشرف قايتباي
٢ ـ عز نصره المقر الكريم جان بلاط كافل حلب المحروسة وبتولي السيفي مصرباي نائب القلعة الحلبية بتاريخ جماد الآخر سنة ثلاث وتسعمائة.
والباقي له الآن من الأوقاف ثلث دار في محلة المزوّق ، وإصطبل ونصف دار في محلة البستان ، ومزرعتان في قرية السفيرة الواحدة اسمها الناعورة والأخرى مردغين ، ويبلغ مجموع وارداته نحو ثلاثة آلاف قروش رائجة.
ذكر إغارة عسكر حلب على آمد
قال أبو الفداء : في هذه السنة في ربيع الآخر كانت الإغارة على آمد ، وسبب ذلك أن نائب السلطنة بحلب جهز عدة كثيرة من عسكر حلب وغيرهم من التراكمين والعربان والطماعة وقدم عليهم شخصا تركمانيا من أمراء حلب يقال له ابن جاجا ، وكان عدة المجتمعين المذكورين ما يزيد على عشرة آلاف فارس ، فساروا إلى آمد وبغتوها ودخلوها ونهبوا أهلها المسلمين والنصارى. ثم بعد ذلك أمر بإطلاق من كان مسلما فأطلقوا بعد أن ذهبت أموالهم. وبالغ المجتمعون المذكورون في النهب حتى نهبوا الجامع وأخذوا بسطه وقناديله وفعلوا بالمسلمين كل قبيح وعادوا سالمين وقد امتلأت أيديهم من الكسب الحرام الذي لا يحل ولا يجوز شرعا ، وخلت آمد من أهلها وصارت كأنها لم تغن بالأمس اه.