وضايقوها ، وقطعت الخوارزمية الطريق على الناس وزحفوا إلى البلد من كل ناحية. وبعد أن ذكر ما ارتكبه الخوارزميون من فظيع الأعمال ثمة من النهب والإحراق قال : ولما علم الصالح أيوب بأن الصالح إسماعيل قد اتفق مع الخوارزمية استمال المنصور صاحب حمص فأجابه وكتب إلى الحلبيين يقول : هؤلاء الخوارزمية قد أخربوا البلاد والمصلحة أن نتفق عليهم ، فأجابوه ، وخرج الأمير شمس الدين لولو بالعساكر من حلب في سنة أربع وأربعين وجمع صاحب حمص العرب والتركمان وخرج إليهم عسكر دمشق واجتمعوا كلهم على حمص ، واتفق الصالح أسماعيل والخوارزمية وعز الدين أيبك والناصر داود واجتمعوا على مرج الصفرّ ولم ينزل إليهم الناصر من الكرك بل بعث إليهم عساكره ، وساروا والتقوا على بحيرة حمص ، فكانت الدائرة على الخوارزمية. قال أبو الفداء : انهزموا هزيمة قبيحة تشتت شملهم بعدها وقتل مقدمهم حسام الدين بركة خان وحمل رأسه إلى حلب وانقطع منهم جماعة وتفرقوا في الشام وخدموا به وكفى الله الناس شرهم.
سنة ٦٤٦
ذكر استيلاء الحلبيين على حمص
قال أبو الفداء : في هذه السنة أرسل الملك الناصر يوسف صاحب حلب عسكرا مع الأمير شمس الدين لولو الأرمني فحاصروا الملك الأشرف موسى بحمص مدة شهرين ، فسلم إليهم حمص وتعوض عنها بتل باشر مضافا إلى ما بيده من تدمر والرحبة ، ولما بلغ الملك الصالح نجم الدين أيوب ذلك شق عليه وسار إلى الشام لارتجاع حمص من الحلبيين ، وكان قد حصل له مرض وورم في مأبطه ، ثم فتح وحصل منه ناصور ، ووصل الملك الصالح إلى دمشق وأرسل عسكرا إلى حمص مع حسام الدين بن أبي علي فخر الدين بن الشيخ فنازلوا حمص وحاصروها ونصبوا عليها منجنيقا مغربيا يرمي بحجر زنتها مائة وأربعون رطلا بالشامي مع عدة منجنيقات أخر ، وكان الشتاء والبرد قويا ، واستمر الحصار عليها ، واتفق حينئذ وصول الخبر إلى الملك الصالح وهو بدمشق بوصول الفرنج إلى جهة دمياط ، وكان أيضا قد قوي مرضه ، ووصل أيضا نجم الدين الباذراي رسول الخليفة وسعى في الصلح بين الملك الصالح والحلبيين وأن تستقر حمص بيد الحلبيين ، فأجاب الملك الصالح إلى ذلك وأمر العسكر فرحلوا عن حمص بعد أن أشرفوا على أخذها.