ووقعة إنّب ١ هذه كانت عظيمة وقد أكثر ذلك الشعراء لها ، وسيأتي ذكرها قريبا إن شاء الله تعالى.
قال في الروضتين : قال أبو يعلى التميمي : وفي رجب من هذه السنة ورد الخبر من ناحية حلب بأن صاحبها نور الدين بن أتابك أمر بإبطال خير العمل في أواخر تأذين الغداة والتظاهر بسب الصحابة ، وأنكر ذلك إنكارا شديدا ، وساعده على ذلك جماعة من أهل السنة بحلب ، وعظم هذا الأمر على الإسماعيلية وأهل التشيع وضاقت له صدورهم وهاجوا وماجوا ، ثم سكنوا وأحجموا للخوف من السطوة النورية المشهورة والهيبة المحذورة اه.
أقول : قد تقدم في ترجمة سيف الدولة بن حمدان أن أول التأذين بحي على خير العمل كان في أيامه في سنة ٣٤٧ وذكرنا ثمة إبطال نور الدين لذلك وأمره بالاقتصار على الأذان المشروع وأن ذلك كان لما فتح نور الدين المدرسة الكبيرة المعروفة بالحلاوية.
سنة ٥٤٤
قال ابن الأثير : في هذه السنة توفي سيف الدين غازي بن أتابك زنكي صاحب الموصل وخلف ولدا ذكرا ، فرباه عمه نور الدين محمود وأحسن تربيته وزوجه ابنة أخيه قطب الدين مودود ، فلم تطل أيامه وتوفي في عنفوان شبابه فانقرض عقب سيف الدين.
قال في الروضتين : في حوادث هذه السنة فيها أنفذ نور الدين محمود إلى معين الدين (صاحب دمشق) يعلمه أن صاحب أنطاكية قد جمع إفرنج بلاده وظهر يطلب بهم الإفساد في الأعمال الحلبية وأنه قد برز في عسكره إلى ظاهر حلب للقائه والحاجة ماسة إلى معاضدته ، فندب معين الدين مجاهد الدين نران بن مامين في فريق وافر من العسكر الدمشقي للمصير إلى جهته ، وبذل المجهود في طاعته ومناصحته ، وبقي معين الدين في
__________________
١ ـ قال في معجم البلدان : إنّب ، بكسرتين وتشديد النون والباء الموحدة : حصن من أعمال عزاز من نواحي حلب له ذكر.