سنة ٦٨٤
ذكر تجديد المحراب الكبير في الجامع الأعظم
قال في كراسة عندي تكلم فيها على الجامع الأعظم : وأما المحراب الكبير فقد جدد بعد حريقه في أيام السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون في شهر رجب سنة أربع وثمانين وستمائة في كفالة قراسنقر المنصوري وفيه انحراف اه.
تاريخ حريقه :
قال في الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة : لما استولى التتار المخذولون على حلب يوم الأحد عاشر صفر سنة ثمان وخمسين وستمائة دخل صاحب سيس إلى الجامع وقتل به خلقا كثيرا وأحرق الجانب القبلي منه ، وأخذ الحريق قبلة وغربا إلى المدرسة الحلاوية واحترق سوق البزازين ، فعرف عماد الدين القزويني لهولاكو ما اعتمده السيسيون من الإحراق للجامع وإعفائهم كنائس النصارى ، فأمر هولاكو برفع ذلك وإطفاء النار وقتل السيسيين فقتل منهم خلقا كثيرا ولم يقدروا على إطفاء النار ، فأرسل الله عزوجل مطرا عظيما فأطفأها. ثم اعتنى نور الدين يوسف بن أبي بكر بن عبد الرحمن السلماسي الصوفي بتنظيف الجامع ودفن ما كان فيه من قتلى المسلمين في جباب كانت بالجامع للغلة في شماليه. ولما مات عز الدين أحمد أحد البتكجية ، وليس معناه الكاتب مطلقا إنما معناه الذي يكتب الكتب (١) ، خرج عن ماله جميعه لله تعالى فقبضه أخوه وتصدق ببعضه وعمر حائط الجامع منه فأصرف عليه عشرين ألف درهم منها ثمانية عشر ألفا لبنائه وألفان لحصره ومصابيحه.
(قلت) : ولما ملك السلطان الملك الظاهر حلب أمر بتكليس الحائط الذي بني وعقد الجملون على الحائط القبلي وكذا الحائط الغربي من جهة الصحن وعمل له سقفا متقنا اه.
أقول : يظهر أنه لم يبن جميع الحائط القبلي وبقي محل المحراب إلى أن أمر بعمارته الملك المنصور قلاوون في هذه السنة في ولاية قراسنقر كما هو محرر على الجدار فوق المحراب ونص ذلك : (أمر بعمارته بعد حريقه مولانا السلطان الأعظم الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون أعز الله تعالى نصره).
__________________
(١) قلت : فعلى هذا يقتضي أن تكون هذه الكلمة الكتبجية