إرفاق وبالرعايا إضرار ، ولها مقدار إلا عند من كل شيء عنده بمقدار منها ما هو في المعايش المطلوبة ، وقد رأينا بنعمة الله أن نبطلها ونضعها ونعطلها وندعها ونضرب عليها بأقلامنا ونسلك ما هو أهدى سبيلا ونقول ما هو أقوم قيلا ونكره ما كره الله ونحظر ما حظر الله ونتأجره سبحانه ، فإنه من ترك شيئا لله عوضه الله أمثاله وأربح متجره في الرعية اليوم بما يوضع عنهم من إصرها ، ولنا غدا بمشيئة الله ما يرفع من أجرها ، فعلى كافة أوليائنا والمتصرفين من قبلنا أن لا يهووا إليها يدا ولا يردوا ولو بلغ الظمأ منهم موردا ولا يثقلوا ميزان المال فتخف ميزان الأعمال ، ولا يرغبوا في كثير الحرام فإن الله يغني عنه بقليل الحلال ، وليعلم أن ذلك من الأمر المحكم والقضاء المبرم والعزم المتمم.
وفي منشور أهل الرقة بمثل ذلك : إن أشقى الأمراء من سمن كيسه وأهزل الخلق وأبعدهم من الحق من أخذ الباطل من الناس وسماه الحق. ومن ترك لله شيئا عوضه ومن أقرض الله قرضا حسنا وفاه ما أقرضه. ولما انتهى أمرنا إلى فتح الرقة أشرفنا منها على سحت يؤكل وظلم مما أمر الله به أن يقطع وأمر الظالمون أن يوصل ، فأوجبنا على أنفسنا وعلى كافة الولاة من قبلنا أن يضعوا هذه الرسوم بأسرها ، ويلقوا الرعايا من بشائر أيام ملكنا بأسرها ، ونعتق بلد الرقة من رقها. ونثبت أحكام المعدلة فيها بمحو هذه الرسوم ومحقها. وقد أمرنا بأن تسد هذه الأبواب وتعطل ، وتنسخ هذه الأسباب وتبطل ، وستمطر سحائب الخصب بالعدل وتستنزل ويعفي خبر هذه الضرائب من الدواوين ويسامح بها جميعها جميع الأغنياء والمساكين مسامحة ماضية الأحكام مستمرة الأيام دائمة الخلود خالدة الدوام تامة البلاغ بالغة التمام موصولة على الأحقاب مسنونة في الأعقاب ملعونا من يطمح إليها ناظره وتتناولها يده أو يمسك عنها اليوم على طمع لا يوصله إليه غده.
الكتب التي أرسلها السلطان صلاح الدين إلى الجهات
يعلم بها استيلاءه على حلب
قال في الروضتين : ومن كتب فاضلية [أي من إنشاء القاضي الفاضل عن لسان السلطان] : تسلمنا مدينة حلب وقلعتها بسلم وضعت بها الحرب أوزارها وبلغت بها الهمم أوطارها وعوض صاحبها بما لم يخرج عن اليد لأنه مشترط عليه به الخدمة بنفسه وعسكره ومختلط بالجملة ، فهو أحد الأولياء في مغيبه ومحضره وعوض عماد الدين عنها من بلاد الجزيرة