سنجار ونصيبين والخابور والرقة وسروج فهو صرف بالحقيقة أخذنا فيه الدينار وأعطينا الدراهم ، ونزلنا عن المنيحات وأحرزنا العواصم ، وسرنا أنها انجلت والكافر المحارب والمسلم هو المسالم. واشترطنا على عماد الدين الخدمة والمظاهرة والحضور في مواقف الغزو والمصابرة ، فانتظم الشمل الذي كان نثيرا وأصبح المؤمن بأخيه كثيرا ، وزال الشغب وأخمد اللهب واتصل السبب وأخذت للغزاة الأهب ووصلت إلى غاية همة الطلب ، والألفة واقعة والمصلحة جامعة وأشعة أنوار الاتفاق شائعة.
كتاب آخر :
فتحنا مدينة حلب بسلم ما كشفت بحرمتها قناعا وتسلمنا قلعتها التي ضمنت أن نتسلم بعدها بمشية الله قلاعا وعوض صاحبها من بلاد الجزيرة ما اشترط عليه به الخدمة في الجهاد بالعدة الموفورة فهي بيدنا بالحقيقة ، لأن مرادنا من البلاد رجالها لا أموالها وشوكتها لا زهرتها ومناظرتها للعدو لا نضرتها وأن يعظم في العدو الكافر نكايتها لا أن تعذق بالولي المسلم ولايتها ، والأوامر بحلب نافذة والرايات بأطراف قلعتها آخذة. وجاء أهل المدينة يستبشرون وقد بلغوا ما كانوا يؤملون وأمنوا ما كانوا يحذرون ، وعوض صاحبها ببلاد من الجزيرة على أن تكون العساكر مجتمعة على الأعداء مرصدة للاستدعاء. فالبلاد بأيدينا لنا مغنمها ولغيرنا مغرمها ، وفي خدمتنا ما لا نسمح به وهو عسكرنا ، وفي يده ما لا نضن به وهو درهمنا ، شرطنا على عماد الدين النجدة في أوقاتها والمظاهرة على العداة عند ملاقاتها فلم يخرج منا بلد إلا عاد إلينا عسكره ، وإنما استنبنا فيه من يحمل عنا مؤنته ويدبره وتكون عساكره إلى عساكرنا مضافة ونتمثل قوله سبحانه وتعالى (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).
كتاب آخر :
نشعر الأمير بما من به من فتح مدينة حلب التي هي مفتاح البلاد وتسلم قلعتها التي هي أحد ما رست به الأرض من الأوتاد ، فلله الحمد وأين يقع الحمد من هذه المنة ونسأل الله الغاية المطلوبة بعد هذه الغاية وهي الجنة ، وصدرت هذه البشرى والموارد قد مضت إلى مصادرها والأحكام في مدينة حلب نافذة في باديها وحاضرها ، وقلعتها قد أناف لواؤنا على أنفها وقبضت على عقبه بكفها واعتذرت من لقائه أمس برشقها ، ورأينا أن نتشاغل بما بورك لنا فيه من الجهاد وأن نوسع المجال فيما نضيق به تقلب الذين كفروا في البلاد.