ومعه عسكر نور الدين صاحب ماردين ، فالتقاهم واحترمهم ، ثم رحل من دنيسر حادي عشر نحو الموصل حتى نزل موضعا يعرف بالإسماعيليات قريب الموصل بحيث يصل من العسكر كل يوم نوبة جديدة تحاصر الموصل ، فبلغ عماد الدين بن قره أرسلان موت أخيه نور الدين فطلب من السلطان دستورا طمعا في ملك أخيه فأعطاه دستورا. اه
قال في الروضتين : قال العماد : دخلت سنة إحدى وثمانين والسلطان مخيم بظاهر حماة فسار إلى حلب وتلقاه أخوه الملك العادل واجتمعت له بها العساكر ، فخرج منها في صفر لقصد الموصل ، فسار وقطع الفرات وأقام العسكر ثلاثة أيام للعبور بها ، وكان السلطان قد سير إلى معاقل الفرات وقلاعه ونواحيه وضياعه وأمر أهلها بعمارة كل سفينة في الفرات وزورق ومركب وجمعها من كل مشرق ومغرب ، ثم وصل إلى حران وفيها مظفر الدين بن زين الدين وهو أخو زين الدين يوسف صاحب إربل وقد كان أول من دخل في خدمة السلطان وأول ما قصد تلك البلاد في المرة الأولى ، واقتدى به أخوه وغيره من أصحاب الأطراف في الانتماء إلى السلطان ، وحضر معه حصار عدة بلاد كالموصل وسنجار وآمد وحلب وأظهر من المودة فوق ما كان في الحساب ، وكان كثير الحث للسلطان على المسير إلى الموصل هذه المرة برسوله وكتابه ، وقال رسوله للسلطان : إذا عبرتم الفرات فإن مظفر الدين يستدرك كل ما فات ويقوم بكل ما يحتاج إليه في تلك البلاد من النفقات والغرامات والأزواد ويقدم يوم الوصول إلى حران خمسين ألف دينار ، وكتب خطه بذلك ، فلما وصل السلطان إلى حران لم ير منه ما التزمه الرسول ، فارتاب وظن أنه مال مع المواصلة ووشت الأعداء فيه بذلك وأن نيته قد تغيرت ، فحلف للسلطان أنه لم يتغير وأن ما التزمه الرسول لم يكن بأمره وهو ابن ماهان ، فانعزل عنده عن مرتبته وهان ، فقبض السلطان على مظفر الدين ليتبين أمره وشاور فيه أصحابه فأشار بعضهم بإتلافه وبعضهم باستبقائه واستئلافه ، فعفا السلطان عنه على أن يسلم إليه قلعتي الرها وحران ففعل ذلك وهو مسرور ببقاء نفسه ، ثم أعيدت إليه القلعتان في آخر السنة لما رأى السلطان من حركاته المستحسنة اه.
ثم بسط في الروضتين الكلام على محاصرته للموصل ثم رحيله عنها إلى ميافارقين ومحاصرتها إلى أن ملكها ثم رحيله منها إلا خلاط ثم عوده إلى الموصل ونزوله بموضع قريب منها يقال له كفر زمار.