ولو رأيت القلاع والحصون ، وقد أزالت الزلازل منها كل مصون :
صارت لقلع القلاع زلزلة |
|
ما خشيت راميا ولا صائد |
إذا درى الحصن من رماه بها |
|
خرّ له في أساسه ساجد |
إن هربوا أدركوا وإن وقفوا |
|
خشوا تلاف الطريف والتالد |
فالأمر لله رب مجتهد |
|
ما خاب إلا لأنه جاهد |
رمت الناس بعلة السدر والدوار ، وجاورت دورا مرفوعة فخفضها على الجوار. ولو رأيت منبج منبت كل سريّ ، ومهب النسيم السحريّ ، وهي من شدة الطمس ، كأن لم تغن بالأمس ، قد كسف الردم بها كل بدر وشمس :
وليس وفاتهم بالردم نقصا |
|
لقدرهم ففي الشهداء صاروا |
وما في سطوة الخلاق عيب |
|
ولا في ذلة المخلوق عار |
فوا أسفاه على منبج من مدينة جليلة ، أصبحت دمنة وكانت الألسن عن وصفها كليلة ، غشيها قتر وظلمة ، وركبتها ريح سوداء مدلهمة :
هلكوا هم وديارهم في لحظة |
|
فكأنهم كانوا على ميعاد |
يبسوا وأوجههم تضيء من الثرى |
|
مثل السيوف بدت من الأغماد |
وقد حكي أن منارتها ، صارت تقذف نحو السماء حجارتها :
سكرت بخمر زلازل رقصت لها |
|
رقص القلوص براكب مستعجل |
سقيا لسقياها فدمعي قاطر |
|
لمصاب منزلها وأهل المنزل |
ولما سمعوا مهول ذلك الصوت ، خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ، فاحمتهم هيبة هيبت ولا أقطار القاطر ، ولا منعتهم قناطر الملوك إذ صرعتهم ملوك القناطر :
كم حائط فوق الكواعب طائح |
|
ما ذا أقول له ولكن حائط |
فلا جرم عظم وهني لها ولا وهن عظمي ، وختمت ذلك ببيتين من نظمي :
منبج أهلها حكوا دود قز |
|
عندهم تجعل البيوت القبورا |
رب نعّمهم فقد ألفوا من |
|
شجر التوت جنة وحريرا |
قال : وفي شهر رمضان صارت الزلازل تعاود حلب وغيرها سنة وبعض أخرى اه.