فيها جدارا يريد أن ينقض ، وكم سماء قاعة سقط فلن يبرح الأرض ، وبناء قصر في الطول إلى يوم العرض. وكم ليلة سهرناها سهر الليالي الهجر ، ودعونا الله تعالى أنها سلام هي حتى مطلع الفجر. فنسأل الله أجرا بلا بلاء ونعوذ بالله من بلاء بلا أجر. وما حال من مني بالعكس والطرد ، وامتد في كانون عن الكنّ فقصره البرد.
إنا نبذنا بالعرا |
|
ء لخوف زلزال طما |
لا ما عليه منه في الص |
|
حرا سوى مطر السما |
والحكيم يقول هذا بخار ريح احتبس ، والمنجم يقول هو من حركة كوكب اقتبس وأما الفقيه فينشد فيه :
إني بفعل الله أول مؤمن |
|
وبما قضاه النجم أول كافر |
كبت الحكيم فماله من قوة |
|
وذوو النجوم فمالهم من ناصر ١ |
فالعلماء أحدّ وأحذق ، والشريعة الشريفة أقصد وأصدق. ولو رأيت حلب ، وقد أشرفت على سوء المنقلب ، ووضح لجامعها فرؤي في أماكن ، وتعلمت منارته باب الإمالة وتحريك الساكن ، فلولا بركة النداء فيها لرخمت ، ولكن الله سلم جمعها فسلمت ، انتفع بأسها بشرف التذكير ، وسلم جمعها الصحيح من التكسير. غير أن الدموع جرت على عقبة بني المنذر [محلة العقبة] كماء السماء ، وبرزت المضمرات من الخدور لحركات البناء ، وتعانقت حيطانها تعانق وداع ، وفكت الرقاب واختلعت الأضلاع ، وما أدراك ما العقبة ، فك رقبة ، وما يدعى بعاجز ، من ضمن قول الراجز :
زلزلة قد وقعت في العقبه |
|
ترضى من اللحم بعظم الرقبه |
فخرج النائب بحلب لهذه النائبة ، ماشيا متضرعا من نتيجة هذه الكلية السالبة ، يأسى ويتأسف ، وعلى رأسه المصحف ، وهو :
أقسمت لو شاهدته |
|
يختال تحت المصحف |
لرأيت صورة يوسف |
|
يمشي بسورة يوسف |
__________________
١ ـ في الأصل وفي الديوان : فماله ، ولعل الصواب ما أثبتناه.