وفي الثاني : « لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعاً أو نحو ذلك » (١) .
واشتراط هذا الشرط محكي عن الإِسكافي (٢) .
خلافاً للأكثر فلا ؛ تبعاً لإِطلاق أكثر النصوص والفتاوي ، والتفاتاً إلى قرب احتماله الحمل على الغالب . وهو أقوى ، بل التدبر في الأخبار يقتضي الاكتفاء بالمسح بالأرض مطلقاً ولو لم يكن هناك مشي أصلاً .
وكيف كان : النصوص ما بين مصرِّح بالقدم وعام له ، إمّا بترك الاستفصال أو التعليل العام ، فالتوقف فيه ـ كما عن التحرير والمنتهى (٣) ـ ضعيف جداً .
وقد جمع بينهما المعتبر المروي في السرائر ، مسنداً عن مولانا الصادق عليه السلام ، وفيه : مررت فيه ـ أي الزقاق القذر ـ وليس عليّ حذاء فيلصق برجلي من نداوته ، فقال : « أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة ؟ » فقلت : بلى ، قال : « لا بأس ، إن الأرض يطهّر بعضها بعضا » (٤) .
وفي ظاهره ـ كما ترى ـ إشعار بل دلالة على اعتبار اليبوسة .
ونحوه الخبر : عن الخنزير يخرج من الماء فيمرّ على الطريق فيسيل منه الماء أمرّ عليه حافياً ، فقال : « أليس وراءه شيء جافّ ؟ » قلت : بلى ، قال : لا بأس ، إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضاً » (٥) .
إلّا أن في سنديهما قصوراً مع عدم جابر لهما هنا ؛ لإِطباق أكثر النصوص والفتاوي بالإِطلاق جداً ، مع اعتضاده بالأصل الذي مضى . فهو أقوى ، إلّا أن اعتبار الجفاف أحوط وأولى .
___________________
(١) الكافي ٣ : ٣٨ / ١ ، الوسائل ٣ : ٤٥٧ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ١ .
(٢) حكاه عنه في الذكرى : ١٥ .
(٣) التحرير ١ : ٢٥ ، المنتهى ١ : ١٧٩ .
(٤) مستطرفات السرائر : ٢٧ / ٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٩ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٩ .
(٥) الكافي ٣ : ٣٩ / ٥ ، الوسائل ٣ : ٤٥٨ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٣ .