فيردّه ، أيصلّي فيه قبل أن يغسله ؟ قال : « لا يصلّي فيه حتى يغسله » (١) .
لكنها ؛ مع عدم مكافأتها لما مرّ عدداً واعتباراً من وجوه شتى ، ومنها ـ وهو أقواها ـ اتفاق أصحابنا على العمل بها ؛ محمولة على الاستحباب أو العلم بالمباشرة ، كما فصّله بعض الروايات المتقدمة .
ثم إن ظاهر العبارة ـ كغيرها وجميع ما مضى من الأدلة ـ اعتبار العلم بالنجاسة ، وعدم الاكتفاء بالمظنة ، وإن استندت إلى قرائن خارجية ، أو عدل واحد ، أو بيّنة شرعية .
خلافاً لجماعة فاكتفوا بها ، إمّا مطلقاً (٢) ، أو مقيداً بالثاني (٣) ، أو بالثالث (٤) ، وهو في الظاهر أشهر أقوالهم وأحوطها وإن لم ينهض عليه دليل يطمئن النفس إليه أصلاً .
وأمّا الأوّلان فينبغي القطع بضعفهما جدّاً ، كيف لا ؟ ! وفي الصحيح : قلت : فإن ظننتُ أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئاً ثم صلّيت فرأيت فيه ، قال : « تغسله ولا تعيد الصلاة » قلت : لم ذاك ؟ قال : « لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (٥) .
مع أن أغلب صور المسألة المفروضة في العبارة حصول المظنة القوية القريبة من العلم في العرف والعادة ، التي هي قد تكون أقوى من الظنون التي
___________________
(١) التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٤٩٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ / ١٤٩٨ ، الوسائل ٣ : ٥٢١ أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ٢ .
(٢) حكاه عن أبي الصلاح الحلبي في الحدائق ٥ : ٢٤٤ .
(٣) الحدائق ٥ : ٢٥١ .
(٤) كما في المنتهى ١ : ٩ .
(٥) التهذيب ١ : ٤٢١ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ / ٦٤١ ، علل الشرائع : ٣٦١ / ١ ، الوسائل ٣ : ٤٦٦ أبواب النجاسات ب ٣٧ ح ١ .