إذ غايتها الإِطلاق المنصرف إلى التراب ، لا إلى الحجر ونحوه ، لندرته .
ونحو هذا الجواب يجري في كلام كثير ممّن فسّر الصعيد بوجه الأرض ، كالعين والمحيط والأساس والمفردات للراغب (١) والسامي والخلاص ، والزجاج مع دعواه عدم الخلاف بين أهل اللغة في ذلك (٢) . وهذه الدعوى مؤيدة له ؛ إذ لو حمل مراده على مطلق وجه الأرض ولو خلي عن التراب لكان مخالفاً لكثير من اللغويين كما عرفت ، ويبعد غاية البعد عدم وقوفه على كلامهم ، أو عدم اعتباره لهم ، فسقط حجج أكثر المتأخرين على أنه وجه الأرض مطلقاً .
هذا مضافاً إلى أنه بعد تسليم عدم رجحان ما ذكرنا فلا أقلّ من المساواة لما ذكروه ، وهو يوجب التردد والشبهة في معنى الصعيد ، وتوقيفية العبادة ووجوب الاقتصار فيها على ما يحصل به البراءة اليقينية يقتضي المصير إلى الأوّل بالضرورة ، ورجحان ما ذكروه عليه بعدما تقرر فاسد بالبديهة .
نعم : سيأتي ما يؤيد مختارهم من الأخبار المنجبر قصورها بالشهرة العظيمة بينهم ، حتى أنه ادعى الطبرسي في المجمع الإِجماع عليه في جواز التيمم بالحجر (٣) . ولا يخلو عن قوة . ويحمل أخبار التراب على الغالب بعين ما حمل عليه أخبار الأرض ، مضافاً إلى عدم استفادة المنع عن غيره منها ، فتأمل .
ويؤيده حكاية الإِجماع في المختلف على جواز التيمم بالحجر عند الاضطرار (٤) ، ولولا دخوله في الصعيد لكان هو وغيره ممّا لا يجوز التيمم به
___________________
(١) العين ١ : ٢٩٠ ، نقله عن محيط اللغة في كشف اللثام ١ : ١٤٤ ، أساس البلاغة : ٢٥٤ ، مفردات ألفاظ القرآن : ٢٨٠ .
(٢) نقله عن الزجّاج في معجم مقاييس اللغة ٣ : ٢٨٧ .
(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٢ .
(٤) المختلف : ٤٨ .