وثانياً : بأنّ كون غيبوبتها عن الحس بمقدار دقيقة أقلّ من ذهاب الحمرة وإن كان صحيحاً ، إلّا أنّه لمّا كان مجهولاً غير مضبوط لا يمكن إحالة عامة المكلّفين ولا سيّما العوام منهم عليه ، لا جرم وجب إحالته على أمر منضبط وهو ذهاب الحمرة من اُفق المشرق ، أو بدوّ النجم ، ونحو ذلك ، وعلى هذا فيكون ذهاب الحمرة علامةً لتيقّن الغروب ، كما صرّحت به جملة من النصوص ، لا أنّه نفس الغروب .
وبه يندفع ما يقال على المشهور من أنّه لا فرق بحسب الاعتبار بين طلوع الشمس وغروبها ، فلو كان وجود الحمرة المشرقية دليلاً على عدم غروب الشمس وبقائها فوق الأرض بالنسبة إلينا ، لكان وجود الحمرة المغربية دليلاً على طلوع الشمس ووجودها فوق الأرض بالنسبة إلينا من دون تفاوت .
ووجه دفعه : أنّا لا نقول : إنّ وجود الحمرة دليل على بقاء الشمس في الْاُفق المغربي للمصلّي ، بل نقول : إنّ معه لا يحصل القطع بالغروب الذي هو المعيار في صحة الصلاة ، وقطع استصحاب عدم الغروب به ، فلا يرد النقض بظهور الحمرة عند الطلوع في اُفق المغرب ، لأنّ مقتضى ذلك حصول الشك بذلك في طلوع الشمس على الاُفق المشرقي ، ولا يقطع به يقين بقاء الوقت ، بل بظهور الشمس الحسّي ، فينعكس الأمر .
وثانياً : بعد تسليم دلالتها فغايتها أنّها من قبيل المجمل ، أو المطلق ، وأخبارنا من قبيل المفسّر ، أو المقيّد ، فيجب حملها عليها قطعاً ، ولا استبعاد فيه بعد ورودها قطعاً ، كما هو الحال في حمل المطلقات وإن كثرت وتواترت على المقيدات وإن قلّت . ولو أثّر الاستبعاد في منعه لما استقام لنا أكثر الأحكام ، لكونها من الجمع بين نحو المطلقات والمقيدات .
ودعوى عدم قوة أخبارنا وعدم بلوغها حدّ المكافأة للأخبار المعارضة ، لاستفاضتها بل وتواترها وصحّة أكثرها دون أخبارنا ، فاسدة .