بدأ بالعشاء ) إن لم نقل بامتدادها بامتداد وقت الفريضة ، كما هو الأشهر الأقوى ، بل نفي الحلي عنه الخلاف في نوافل الظهرين (١) ، ولا قائل بالفرق جدّاً ؛ للأصل من غير معارض ، لاختصاصه بنوافلهما ، والتعدّي قياس لا يجوز عندنا .
فقول الحلي هنا بإتمام الأربع بالشروع في ركعة منها (٢) ـ كما في الظهرين ـ لا وجه له ظاهراً إلّا أن يكون إجماعاً . وهو ضعيف جداً ؛ لاشتهار خلافه بين الأصحاب على الظاهر ، المصرّح به في الذخيرة (٣) ، وإن اختلفوا في إطلاق الحكم كما هنا وفي القواعد والإِرشاد والتحرير والمنتهى (٤) ، أو تقييده بما إذا لم يكن شرع في ركعتين منها ، وإلّا فيكمّلهما خاصّةً ، اُوليين كانتا أم أخيرتين ، كما ذكره الشهيدان وغيرهما (٥) ، قالوا : للنهي عن إبطال العمل .
وهو حسن إن قلنا بتحريمه مطقاً . وإن خصّصناه بالفريضة وقلنا بكراهته في النافلة كما عليه شيخنا الشهيد الثاني (٦) ، أو مطلقاً كما عليه بعض هؤلاء الجماعة ، أشكل الاستثناء ؛ لعموم أدلّة تحريم النافلة في وقت الفريضة ، والإِبطال لا يستلزم غير الكراهة ، وهي بالإِضافة إلى التحريم مرجوحة بل منتفية ؛ لاختصاصها بما إذا لم تعارضها حرمة ، وقد عارضتها في المسألة ، لعموم الأدلّة على الحرمة .
إلّا أن يمنع ويدّعى اختصاصها بحكم التبادر بابتداء النوافل في وقت الفريضة ، لا عدم وقوعها فيه مطلقاً ولو بجزء منها . وهو غير بعيد ، فما قالوه
___________________
(١) السرائر ١ : ١٩٩ .
(٢) السرائر ١ : ٢٠٢ .
(٣) الذخيرة : ١٩٩ .
(٤) القواعد ١ : ٢٥ ، الإِرشاد ١ : ٢٤٣ ، التحرير ١ : ٢٨ ، المنتهى ١ : ٢١٤ .
(٥) الشهيد الأول في الذكرى : ١٢٤ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ١٨١ ؛ وانظر جامع المقاصد ٢ : ٢١ ، والمدارك ٣ : ٧٥ .
(٦) روض الجنان : ١٨٢ .