يجعل مشرق يوم على اليسار ومغرب ذلك اليوم على اليمين ـ تقتضي محاذاة نقطة الجنوب ، وكذا العلامة الثالثة ، وأمّا الثانية فتقتضي انحرافاً بيّناً عنها نحو المغرب ، وهو الموافق لمعظم بلاد العراق .
والأولى حمل العلامة الْاُولى والثالثة على أطراف العراق الغربيّة ، كالموصل ، وبلاد الجزيرة ؛ فإن قبلتهما تناسب نقطة الجنوب . والعلامة الثانية على أوساط العراق ، كبغداد والكوفة والحلة والمشاهد المقدّسة ، فإنه تنحرف قبلتها عن نقطة الجنوب نحو المغرب . وأما أطرافها الشرقية ـ كالبصرة ـ فهي أشدّ انحرافاً ، ويقرب منها تبريز وأردبيل وقزوين وهمدان وما والاها من بلاد خراسان . ونزّلوا إطلاق عبائر الأصحاب على ما ذكروه .
وفيه بُعد ، ولذا جعل ذلك سبيلاً إلى سهولة الأمر في القبلة واتساع الدائرة فيها ، وأنه لا ضرورة إلى ما ذكروه أرباب الهيئة .
مضافاً إلى خلوّ النصوص عن بيان العلامات بالكلية ، إلّا ما مرّ إليه الإِشارة ، وقد عرفت أيضاً إجماله .
ومع ذلك فقد ورد في الصحيح وغيره : « ما بين المشرق والمغرب قبلة » (١) .
قيل : ويؤيّد ذلك بأوضح تأييد ما عليه قبور الأئمة عليهم السلام في العراق من الاختلاف ، مع قرب المسافة بينها على وجه يقطع بعدم انحراف القبلة فيه ، مع استمرار الأعصار والأدوار من العلماء الأبرار على الصلاة عندها ، ودفن الأموات ، ونحو ذلك ، وهو أظهر ظاهر في التوسعة كما لا يخفى (٢) .
وفيه نظر ، يظهر وجهه بالتدبّر فيما ذكره شيخنا في روض الجنان ، فقال
___________________
(١) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥ ، الوسائل ٤ : ٣١٤ أبواب القبلة ب ١٠ ح ٢ .
(٢) الحدائق ٦ : ٣٨٧ .