ولضعف الخبرين وقصورهما سنداً ومكافاةً لما مضى ، بل ودلالةً أيضاً ، لعدم تقييدهما بالاستدبار ، بل هما عامّان له وللتشريق والتغريب وما دونهما ، وهو خلاف الإِجماع .
وتقييدهما بالأوّل جمعاً بينهما وبين الأخبار المتقدمة فرع الشاهد عليه ، وليس ؛ مضافاً إلى استلزامه حمل المطلق على الفرد النادر ، إذ الاستدبار الحقيقي قلّما يتفق ، سيّما للمجتهد ، كما هو بعض أفراد محلّ البحث .
ولا يرد مثله على النصوص السابقة ؛ لعموم بعضها من حيث التعليل بقوله : « فحسبه اجتهاده » .
مضافاً إلى اعتضادها أجمع بالْاُصول العامّة ، مثل أصالة البراءة ، بناءً على أن القضاء بفرض جديد ، ولا يثبت إلّا حيثما يصدق الفوت حقيقةً ، ولا يصدق هنا كذلك ، بناءً على أن الامتثال يقتضي الإِجزاء ومعه لا يصدق الفوت قطعاً . ومع التنزّل فلا أقل من التردّد في الصدق وعدمه ، وبمجرده لا يخرج عن الأصل القطعي .
ومن هنا يصح إلحاق الناسي بالظان في عدم وجوب القضاء ؛ كما عليه جماعة من أصحابنا كالشيخين (١) ، وغيرهما ، وكثير من المتأخّرين (٢) .
وزادوا فألحقوه به في جميع الأحكام ، حتى في عدم الإِعادة ولو صلّى منحرفاً إلى ما بين المشرق والمغرب ، كما صرّح الماتن هنا (٣) .
وهو حسن ؛ لعموم النصوص المتقدمة في هذه الصورة له (٤) ، كعموم
___________________
(١) المفيد في المقنعة : ٩٧ ، الطوسي في النهاية : ٦٤ .
(٢) كالعلّامة في التبصرة : ٢٢ ، والشهيدين في الذكرى : ١٦٦ ، والروض : ٢٠٣ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٧٦ .
(٣) حيث أفرد الظانّ بالذكر غير الناسي في الصورتين الأخيرتين . منه رحمه الله .
(٤) راجع ص ٢٧٤ .