وفي قوله : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) ، أي : فيما بيّنه وعيّنه من الحقائق والشّرائع. للتّنبيه على أنّ ما قبله مفصّل الفضائل ، وهذا مجملها.
وقيل (١) : إنّه للإيذان بأنّ التعداد قد تمّ بالسّابع ، من حيث أنّ السّبعة هو العدد التّام. والثّامن ابتداء تعداد آخر معطوف عليه ، ولذلك سمي : واو الثّمانية.
وفي الكافي (٢) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من أخذ سارقا فعفا عنه ، فذاك له. فإن رفعه إلى الإمام ، قطعه. فإن قال الّذي سرق منه : أنا أهب له ، لم يدعه الإمام حتّى يقطعه إذا رفعه إليه ، وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام ، وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ). فإنّ انتهى الحد إلى الإمام ، فليس لأحد أن يتركه.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١١٢) ، يعني به : هؤلاء الموصوفين بتلك الفضائل. ووضع المؤمنين موضع ضميرهم ، للتّنبيه على أنّ إيمانهم دعاهم إلى ذلك ، وأنّ المؤمن الكامل من كان كذلك. وحذف المبشّر به ، للتعظيم ، كأنّه قيل : وبشّرهم بما يجلّ عن إحاطة الإفهام وتعبير الكلام.
وفي الكافي (٣) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن بعض أصحابه قال : كتب أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ في رسالة إلى بعض خلفاء بني أميّة : ومن ذلك من ضيّع الجهاد الذي فضله الله ـ تعالى ـ على الأعمال وفضّل عامله على العمّال ، تفضيلا في الدرجات والمغفرة والرّحمة. لأنّه ظهر به الدين ، وبه يدفع عن الدّين ، وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنّة بيعا مفلحا منجحا ، أشترط عليهم فيه حفظ الحدود. وأوّل ذلك الدّعاء إلى طاعة الله ـ عزّ وجلّ ـ من طاعة العباد ، وإلى عبادة الله من عبادة العباد ، وإلى ولاية الله من ولاية العباد. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
عليّ بن إبراهيم (٤) ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن يزيد ، عن أبي عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : أخبرني عن الدّعاء إلى
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) الكافي ٧ / ٢٥١ ، ح.
(٣) الكافي ٥ / ٣ ، صدر ح ٤.
(٤) الكافي ٥ / ١٣ ـ ١٥ ، صدر ح ١.