وفي الميراث ، وفي القيمة ، وفي صلاحية الإمامة (١) ، والقضاء (٢) ، والشّهادة ، وللزّوج أن
__________________
(١) عرفها كثير من علماء الشريعة الإسلامية بتعريفات ترجع إلى معنى واحد : وهو رياسة الحكومة الإسلامية الجامعة لمصالح الدين والدنيا.
قال السعد في «متن المقاصد» :
(الفصل الرابع في الإمامة ، وهي رياسة عامة في أمر الدين والدنيا خلافة عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ).
وقال البيضاوي في «طوالع الأنوار» :
(الإمامة عبارة عن خلافة شخص من الأشخاص للرسول ـ عليهالسلام ـ في إقامة القوانين الشرعية ، وحفظ حوزة الملّة على وجه يجب اتباعه على كافة الأمة).
وقال أبو الحسن الماوردي في «الأحكام السلطانية» :
(الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا).
وقد زاد الإمام الرازي قيدا آخر في التعريف ؛ فقال : (هي رياسة عامة في الدين والدنيا لشخص واحد من الأشخاص).
وقال : هو احتراز عن كل الأمة إذا عزلوا الإمام لفسقه.
وترادف الخلافة ، الإمامة العظمى ، وإمارة المؤمنين فهي ثلاث كلمات متحدة المعنى في لسان الشرعيين ، والقائم بهذه الوظيفة يسمى خليفة ، وإماما ، وأمير المؤمنين.
(٢) القضاء له في اللغة معان كثيرة ترجع كلها إلى انقضاء الشيء وتمامه. فمن تلك المعاني : الأمر نحو قوله تعالى : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ. أي : أمر بذلك ، ولا يصح أن يكون معنى قضى هنا حكم أي قدر وعلم. وإلا لما تخلف أحد عن عبادته ؛ لأن ما قدره تعالى وعلمه لا يتخلف. ومنها الأداء نحو قضيت الدين أي أديته. ومنها الفراغ نحو قضى فلان الأمر أي فرغ منه. ومنها : الفعل نحو قوله تعالى : فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ. أي افعل ما تريده. ومنها : الإرادة نحو : فإذا قضى الله أمرا.
ومنها الموت نحو قضى نحبه. ومنها : المعلم نحو قضيت إليك بكذا أي : أعلمتك به. ومنه قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) ومن هنا صح تسمية المفتي والقاضي قاضيا ؛ لأنهما معلمان بالحكم. ومنها : الفصل نحو : قضى بينهم بالحق ومنها الخلق نحو قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ). أي : خلقهن. ومنها الحكم نحو : قضيت عليك بكذا أي : حكمت عليك به. وهذا المعنى الأخير متلائم مع المعنى الاصطلاحي الذي سنذكره ، فالقضاء في اللغة مشترك لفظي بين تلك المعاني السابقة ، ومن يتأمل يدرك أن هذه المعاني متقاربة بعضها إلى الآخر ، ويجمعها كلها انقضاء الشيء وتمامه كما تقدم.
أما معناه في اصطلاح الشرعيين : فقد اختلفت فيه عبارات المؤلفين ؛ لاختلاف أنظارهم ومقاصدهم : فبعضهم نظر إلى كونه صفة يتصف بها القاضي فعرفه على أنه صفة ، وبعضهم نظر إلى المعنى المصدري الذي يحصل من القاضي بين الخصوم ؛ فعرفه على أنه فعل القاضي. ثم من نظروا إلى المعنى الأول منهم من اكتفى في تعريفه بما يصور الحقيقة تصويرا إجماليّا ، فلم يأت بعبارة مانعة جامعة ، ومنهم من جاء بعبارة جامعة مانعة ، وكذلك من نظروا إلى المعنى الثاني ، ومن المعلوم أن المعنيين متلازمان فالصفة لا يتحقق مقتضاها بدون المعنى المصدري ، والمعنى المصدري لا يتحقق إلا إذا وجدت هذه الصفة ، وعلى هذا فمن عرف المعنى المصدري يسهل عليه جدا معرفة الصفة الحكمية التي يتصف بها من يصدر منه ذلك المعنى ، ومن عرف الصفة التي ينشأ عنها ذلك المعنى لم يخف عليه الفعل الناشئ عنها ، فلا غضاضة على واحد من الطرفين في سلوكه المسلك الذي اختاره ؛ لأن كلّا منهما موصل لمعرفة القضاء. والقضاء هو ـ على ما قال ابن عرفة ـ صفة حكمية توجب لموصوفها ـ