ربّي ، اللهمّ رضيت ، وسلّمت لأمرك ، وأنكح أخته زوجها (١).
الثاني : روى مجاهد ، والسدي : أنّ جابر بن عبد الله ، كانت له ابنة عمّ فطلقها زوجها ، وأراد رجعتها بعد العدّة ؛ فأبى جابر ؛ فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية ، وكان جابر يقول : فيّ نزلت هذه الآية (٢).
وقيل : الخطاب فيهما للأزواج ، ونسب العضل إليهم ؛ لأنهم كذلك كانوا يفعلون ، يطلّقون ، ويأبون أن تتزوج المرأة بعدهم ؛ ظلما وقهرا.
قوله : «أزواجهنّ» مجاز ؛ لأنه إذا أريد به المطلّقون ، فتسميتهم بذلك اعتبارا بما كانوا عليه ، وإن أريد بهم غيرهم ممّن يردن تزويجهم فباعتبار ما يؤولون إليه. قال ابن الخطيب (٣) : وهذا هو المختار ؛ لأن قوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) شرط ، والجزاء قوله : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) والشرط خطاب مع الأزواج ، فيكون الجزاء خطابا معهم أيضا ؛ لأنه لو لم يكن كذلك ، لصار تقدير الآية : إذا طلقتم النساء أيّها الأزواج ، فلا تعضلوهنّ أيها الأولياء ، وحينئذ لا يكون بين الشرط والجزاء مناسبة أصلا ، وذلك يوجب تفكيك نظم الآية ، وتنزيه كلام الله ـ عزوجل ـ عن مثل هذا ، واجب. ثم يتأكد بوجهين آخرين :
الأول : أنّه من أوّل آية الطّلاق إلى هذا الموضع ، خطاب مع الأزواج ، ولم يجر للأولياء ذكر ألبتّة ، وصرف الخطاب إلى الأولياء خلاف النّظم.
الثاني : أنّ ما قبل هذه الآية خطاب مع الأزواج في كيفية معاملتهم مع النساء بعد انقضاء العدّة ، فكان صرف الخطاب إلى الأزواج ، أولى ؛ لأنه ترتيب حسن لطيف.
واستدلّ الأولون بما تقدّم من سبب النزول.
ويمكن الجواب عنه من وجهين :
الأول : أنّ المحافظة على نظم كلام الله ـ تعالى ـ ، أولى من المحافظة على خبر الواحد.
__________________
(١) أخرجه بهذا اللفظ الحاكم (٢ / ١٧٤) والبيهقي (٧ / ١٣٨) والطبري في «تفسيره» (٥ / ١٩) عن الحسن.
وأخرجه الحاكم (٢ / ١٨٠) والطبري في «تفسيره» (٥ / ١٨) مختصرا عن معقل بن يسار.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي فقال : الفضل ضعفه ابن معين وقواه غيره.
وأخرجه باختصار أيضا البخاري (٩ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦) والطبري في «تفسيره» (٥ / ١٧) عن الحسن عن معقل بن يسار.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٢١ ـ ٢٢) والأثر ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥١١) وزاد نسبته لابن المنذر عن السدي.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٩٦.