فِي عامَيْنِ) [لقمان : ١٤] وقال ـ عليهالسلام والصلاة ـ لا رضاع بعد فصال (١).
وروى ابن عباس قال : قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ «لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين» (٢).
فصل
روي أن رجلا جاء إلى علي ـ رضي الله عنه ـ فقال : تزوجت جارية بكرا ، وما رأيت بها ريبة ، ثم ولدت لستة أشهر ، فقال علي ـ رضي الله عنه ـ قال الله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وقال تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) فالحمل ستة أشهر ؛ الولد ولدك (٣).
وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه جيء بامرأة ، وضعت لستة أشهر ، فشاور في رجمها ، فقال ابن عباس : إن خاصمتكم بكتاب الله ـ تعالى ـ خصمتكم ، ثم ذكر هاتين الآيتين (٤) واستخرج منهما أن أقل الحمل ستة أشهر ، قال : فكأنما أيقظهم.
قوله : (لِمَنْ أَرادَ) في هذا الجار ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه متعلق بيرضعن ، وتكون اللام للتعليل ، و «من» واقعة على الآباء ، أي : الوالدات يرضعن لأجل من أراد إتمام الرضاعة من الآباء ، وهذا نظير قولك : «أرضعت فلا نة لفلان ولده»
والثاني : أنها للتبيين ؛ فتتعلق بمحذوف ، وتكون هذه اللام كاللام في قوله تعالى : (هَيْتَ لَكَ) [يوسف : ٢٣] ، وفي قولهم : «سقيا لك». فاللام بيان للمدعو له بالسقي وللمهيت به ، وذلك أنه لما ذكر أن الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ، بين أن ذلك الحكم إنما هو لمن أراد أن يتم الرضاعة ؛ و «من» تحتمل حينئذ أن يراد بها الوالدات فقط ، أوهن والوالدون معا ، كل ذلك محتمل.
والثالث : أن هذه اللام خبر لمبتدإ محذوف ، فتتعلق بمحذوف ، والتقدير : ذلك الحكم لمن أراد. و «من» على هذا تكون للوالدات والوالدين معا.
قوله : (أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) «أن» وما في حيزها في محل نصب ؛ مفعولا بأراد ، أي :
__________________
(١) أخرجه البيهقي (٧ / ٣١٩ ، ٣٢٠ ، ٤٦١) والطبراني في «الصغير» (٢ / ٦٨) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٥ / ٢٩٩ ، ٧ / ٢٥١) وعبد الرزاق (١٣٩٠١) وابن عدي (٣ / ١٢٢١).
(٢) أخرجه البيهقي (٧ / ٤٦٢) وابن عدي (٧ / ٢٥٦٢) وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (١٥٦٧٣) والسيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥١٣).
(٣) ذكر هذا الأثر السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٠) وعزاه لا بن أبي حاتم وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥١٣) وزاد نسبته لوكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم.