أبو حيان «إلّا أنّ من منع أن تقع «أن» وصلتها حالا ، كسيبويه (١) ؛ فإنه يمنع ذلك ، ويكون حينئذ منقطعا».
وقرأ الحسن (٢) «يعفونه» بهاء مضمومة وفيها وجهان :
أحدهما : أنها ضمير يعود على النّصف ، والأصل : إلّا أن يعفون عنه ، فحذف حرف الجرّ ، فاتصل الضمير بالفعل.
والثاني : أنها هاء السكت والاستراحة ، وإنما ضمّها ؛ تشبيها بهاء الضمير ، كقول الآخر [الطويل]
١١٤٤ ـ هم الفاعلون الخير والآمرونه |
|
..........(٣) |
على أحد التأويلين في البيت أيضا.
وقرأ ابن أبي (٤) إسحاق : «تعفون» بتاء الخطاب ، ووجهها الالتفات من ضمير الغيبة إلى الخطاب ، وفائدة هذا الالتفات التحضيض على عفوهنّ ، وأنه مندوب.
و «يعفون» منصوب ب «أن» تقديرا ؛ فإنّه مبنيّ ؛ لاتصاله بنون الإناث ، هذا رأي الجمهور ، وأمّا ابن درستويه ، والسّهيليّ : فإنه عندهما معرب ، وقد فرّق الزمخشريّ وأبو البقاء (٥) بين قولك : «الرّجال يعفون» و «النّساء يعفون» وإن كان [هذا] من الواضحات بأنّ قولك «الرّجال يعفون» الواو فيه ضمير جماعة الذكور ، وحذف قبلها واو أخرى هي لام الكلمة ، فإن الأصل : «يعفوون» ، فاستثقلت الضمة على الواو الأولى ، فحذفت ، فبقيت ساكنة ، وبعدها واو الضمير أيضا ساكنة ، فحذفت الواو الأولى ؛ لئلّا يلتقي ساكنان ، فوزنه «يفعون» ، والنون علامة الرفع ؛ فإنه من الأمثلة الخمسة ـ وأنّ قولك : «النّساء يعفون» ، الواو لام الفعل ، والنون ضمير جماعة الإناث ، والفعل معها مبنيّ ، لا يظهر للعامل فيه أثر قال شهاب الدين : وقد ناقش الشيخ الزمخشريّ بأنّ هذا من الواضحات التي بأدنى قراءة في هذا العلم تعرف ، وبأنه لم يبيّن حذف الواو من قولك : «الرّجال يعفون» ، وأنه لم يذكر خلافا في بناء المضارع المتّصل بنون الإناث ، وكلّ هذا سهل لا ينبغي أن يناقش بمثله.
وقوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي) «أو» هنا فيها وجهان :
أحدهما : هي للتنويع.
والثاني : أنها للتخيير ، والمشهور فتح الواو ؛ عطفا على المنصوب قبله ، وقرأ
__________________
(١) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ١٩٥.
(٢) انظر : الدر المصون ١ / ٥٨٥.
(٣) تقدم رقم ٧٧٥.
(٤) انظر : البحر المحيط ٢ / ٢٤٥ ، والدر المصون ١ / ٥٨٥.
(٥) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٠.