الحسن (١) بسكونها واستثقل الفتحة على الواو ، فقدّرها كما يقدّرها في الألف ، وسائر العرب على استخفافها ، ولا يجوز تقديرها إلا في ضرورة ؛ كقوله ـ هو عامر بن الطّفيل ـ [الطويل]
١١٤٥ ـ فما سوّدتني عامر عن وراثة |
|
أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب (٢) |
ولمّا سكّن الواو ، حذفت للساكن بعدها ، وهو اللام من «الّذي» ، وقال ابن عطية «والذي عندي أنه استثقل الفتحة على واو متطرّفة قبلها متحرك ؛ لقّلة مجيئها في كلامهم» وقال الخليل : «لم يجئ في الكلام واو مفتوحة متطرفة قبلها فتحة إلا قولهم «عفوة» جمع عفو ، وهو ولد الحمار ، وكذلك الحركة ـ ما كانت ـ قبل الواو المفتوحة فإنّها ثقيلة» انتهى. قال أبو حيّان : فقوله : «لقلّة مجيئها» ، يعني : مفتوحة ، مفتوحا ما قبلها ، وهذا الذي ذكره فيه تفصيل ، وذلك أنّ الحركة قبلها : إمّا أن تكون ضمة ، أو كسرة ، أو فتحة ، فإن كانت ضمّة : فإمّا أن يكون ذلك في اسم أو فعل ، فإن كان في فعل ، فهو كثير ، وذلك جميع أمثلة المضارع الداخل عليها حرف نصب ؛ نحو : «لن يغزو» ، والذي لحقه نون التوكيد منها ؛ نحو : «هل يغزونّ» ، وكذلك الأمر ؛ نحو : «اغزونّ» ، وكذا الماضي على «فعل» في التعجب ؛ نحو : سرو الرّجل ؛ حتى إن ذوات الياء تردّ إلى الواو في التعجّب ، فيقولون : «لقضو الرّجل» ، على ما قرّر في باب التصريف ، وإن كان ذلك في اسم : فإمّا أن يكون مبنيّا على هاء التأنيث ، فيكثر أيضا ؛ نحو : عرقوة وترقوة وقمحدوة ، وإن كان قبلها فتحة ، فهو قليل ؛ كما ذكر الخليل ، وإن كان قبلها كسرة ، قلبت الواو ياء ؛ نحو : الغازي والغازية ، وشذّ من ذلك «أفروة» جمع «فروة» ، وهي ميلغة الكلب ، و «سواسوة» وهم : المستوون في الشّرّ ، و «مقاتوة» جمع مقتو ، وهو السائس الخادم ، وتلخّص من هذا أنّ المراد بالقليل واو مفتوحة متطرّفة مفتوح ما قبلها [في] اسم غير ملتبس بتاء التأنيث ، فليس قول ابن عطية «والّذي عندي إلى آخره» بظاهر.
والمراد بقوله : (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) قيل : الزوج ، وقيل : الوليّ و «أل» في النكاح للعهد ، وقيل بدل من الإضافة ، أي : نكاحة ؛ كقوله : [الطويل]
١١٤٦ ـ لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم |
|
من الجود ، والأحلام غير عوازب (٣) |
أي : أحلامهم ، وهذا رأي الكوفييّن. وقال بعضهم : في الكلام حذف ، تقديره :
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٢١ ، والبحر المحيط ٢ / ٢٤٦ ، والدر المصون ١ / ٥٨٦.
(٢) ينظر المفصل لابن يعيش ١٠ / ١٠٠ ، الخزانة ٣ / ٢٣٧ ، الحماسة ١ / ٢١ ، البحر ٢ / ٢٤٦ ، مغني اللبيب (٦٧٧) ، العيني ١ / ٢٤٢ ، الأشموني ١ / ١٠١ ، الدر المصون ١ / ٥٨٦.
(٣) البيت للنابغة ينظر ديوانه (٥٦) ، القرطبي (٣ / ١٣٦) ، البحر ٢ / ٢٤٦ ، الدر المصون ١ / ٥٨٦.