خامر العقل (١). وروى أبو داود عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلّ مسكر خمر ، وكلّ خمر حرام» (٢) وفي «الصّحيحين» أنه عليهالسلام سئل عن البتع ، فقال : «كلّ شراب أسكر ، فهو حرام» (٣) والبتع شراب يتخذ من العسل.
قال الخطابيّ : والدّلالة من وجهين :
أحدهما : أنّ الآية لما دلّت على تحريم الخمر ، وكان مسمّى الخمر مجهولا من القوم ، حسن من الشّارع أن يقال : مراد الله تعالى من هذه اللّفظة هذا ، ويكون على سبيل إحداث لغة ، كما في الصّلاة والصّوم وغيرهما.
والوجه الآخر : أن يكون معناه : أنّه كالخمر في الحرمة ؛ لأن قوله هذا خمر ، فإن كان حقيقة ؛ فحصل المدّعى ، وإن كان مجازا ؛ فيكون حكمه كحكمه ؛ لأنّا بيّنا أنّ الشّارع ليس مقصوده تعليم اللّغات على تعليم الأحكام ، وحديث البتع يبطل كلّ تأويل ذكره أصحاب تحليل الأنبذة ، وإفساد قول من قال : إنّ القليل من المسكر من الأنبذة مباح ؛ لأنّه ـ عليهالسلام ـ سئل عن نوع واحد من الأنبذة ، وأجاب بتحريم الجنس ، فدخل فيه القليل والكثير ، ولو كان ثمّ تفصيل في شيء من أنواعه ومقاديره لذكره ولم يهمله ، وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (٤) ، وقال : «ما
__________________
(١) أخرجه البخاري (٣ / ٢٦٥) كتاب المظالم باب : صب الخمر في الطريق رقم (٢٤٦٤) عن أنس بن مالك.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» عن أم سليم كما في «مجمع الزوائد» (٤ / ٩٣) وقال الهيثمي : وفيه الوليد بن محمد الموقري وهو ضعيف.
(٢) أخرجه مسلم (٦ / ١٠٠ ـ ١٠١) وأبو داود (٣٦٧٩) والنسائي (٢ / ٣٢٥) والترمذي (١ / ٣٤١) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢ / ٣٢٥) وابن الجارود في «المنتقى» (٨٥٧) والدارقطني (٤ / ٢٤٩) والبيهقي (٨ / ٢٩٣) وأحمد (٢ / ٢٩ ، ١٣٤ ، ١٣٧) من طريق نافع عن ابن عمر قال النسائي: قال أحمد : وهذا حديث صحيح.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي (٢ / ٣٢٦) وابن ماجه (٣٣٩٠) وابن الجارود في «المنتقى» (٨٥٩) والطحاوي (٢ / ٣٢٥) والدارقطني (٤ / ٢٤٩) وأحمد (٢ / ١٦) من طريق محمد بن عمرو عن ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (٣٣٩٢) من طريق أبي حازم عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : كل مسكر حرام وما أسكر كثيرة فقليله حرام.
(٣) أخرجه البخاري (١ / ١١٧) كتاب الأشربة باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ (٢٤٢) و (٧ / ١٩٢) كتاب الأشربة باب الخمر من العسل رقم (٥٥٨٥ ، ٥٥٨٦) ومسلم (٦ / ٩٩) وأبو داود (٣٦٨٢) و ، النسائي (٢ / ٣٢٦) والترمذي (١ / ٣٤٢) وابن ماجه (٣٣٨٥) والطحاوي (٢ / ٣٢٦) والدارقطني (٤ / ٢٥١) وأحمد (٦ / ٣٦ ، ٩٦ ، ١٩٠).
(٤) أخرجه البيهقي (٨ / ٢٩٦) والدارقطني (٤ / ٢٦٢) وإسحق بن راهويه في «مسنده» كما في «نصب الراية» (٤ / ٣٠٤) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا. ـ