وقيل إنّ عيسى ابن مريم ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ كان إذا أراد أن يحيي الموتى يدعو بهذا الدعاء «يا حيّ يا قيّوم» (١).
ويقال : إنّ آصف بن برخيا ، لمّا أراد أن يأتي بعرش بلقيس إلى سليمان ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ دعا بقول ه «يا حيّ يا قيّوم» (٢).
ويقال إن بني إسرائيل سألوا موسى عن اسم الله الأعظم فقال لهم «أيا هيا شراهيا» يعني «يا حي يا قيوم» ، ويقال هو دعاء أهل البحر إذا خافوا الغرق يا حي يا قيوم وعن علي ـ رضي الله عنه ـ لما كان يوم بدر جئت أنظر ما يصنع النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا هو ساجد يقول «يا حيّ يا قيّوم» ، فترددت مرات ، وهو على حاله لا يزيد على ذلك إلى أن فتح الله له (٣).
وهذا يدلّ على عظمة هذا الاسم.
والقيّوم : فيعول من : قام بالأمر يقوم به ، إذا دبّره ؛ قال أميّة : [الرجز]
١١٧٦ ـ لم تخلق السّماء والنّجوم |
|
والشّمس معها قمر يعوم |
قدّره مهيمن قيّوم |
|
والحشر والجنّة والنّعيم |
إلّا لأمر شأنه عظيم (٤) |
وأصله «قيووم» ، فاجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء فصار قيّوما.
وقرأ ابن مسعود (٥) والأعمش ويروى عن عمر : «الحيّ القيّام» ، وقرأ علقمة (٦) : «القيّم» وهذا كما يقولون : ديّور ، وديار ، وديّر. ولا يجوز أن يكون وزنه فعّولا ك «سفّود» إذ لو كان كذلك ؛ لكان لفظه قوّوما ؛ لأنّ العين المضاعفة أبدا من جنس الأصليّة كسبّوح ، وقدّوس ، وضرّاب ، وقتّال ، فالزّائد من جنس العين ، فلمّا جاء بالياء دون الواو ؛ علمنا أنّ أصله فيعول ، لا فعّول ؛ وعدّ بعضهم فيعولا من صيغ المبالغة كضروب ، وضرّاب.
قال بعضهم : هذه اللّفظة عبريّة ؛ لأنّهم يقولون «حيا قياما» ، وليس الأمر كذلك ؛ لأنا قد بيّنا أن له وجها صحيحا في اللّغة.
__________________
(١) حكاه القرطبي في «تفسيره» الجامع لأحكام القرآن (٣ / ١٧٦).
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٣ / ٤٩) والخبر ذكره ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٢ / ١٧) وذكره أيضا ابن كثير في «البداية والنهاية» (٣ / ٢٦٧).
(٤) ينظر : ديوانه (٥٧) الطبري ٥ / ٣٨٨ ، القرطبي ٣ / ٢٧١ ، البحر ٢ / ٢٨٧ ، الدر المصون ١ / ٦١٣.
(٥) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٤٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٢٨٧ ، والدر المصون ١ / ٦١٣.
(٦) انظر : البحر المحيط ٢ / ٢٨٧ ، والدر المصون ١ / ٦١٣.